بازگشت

يرفضون التغيير...


ثبات الاوضاع يحقق لهم المنافع و الامتيازات

لقد حرص أولئك الاشراف علي ديموتة و ثبات الاوضاع في ظل حكومة


الامويين التي أتاحت لهم المزيد من المكاسب و الامتيازات الشخصية و المنح اندسمة التي ما كانت تتاح لهم في ظل أوضاح صحيحة، و قد كانوا مستعدين للمساومة مع أية جهة تتقدم بعروض مناسبة لهم تحقق لهم مكاسب محققة و مكانه مرموقة في المجتمع و ان كانت علي حساب الآخرين و علي حساب البناء الصحيح الذي أراده الاسلام.

كانوا وجها جديدا متكررا لوجوه الاشراف القدامي، برزوا في كل المجتمعات القديمة و تحلقوا حول الطواغيت و انتشروا في دول الظلم يحمونها و يشيدون بناءها و يقيمون عروشها، فهم (زينة) مناسبة لهذه العروش التي أصحبت قبلتهم و محط أنضارهم علي امتداد التاريخ.

ان استقرارها يعني استقرارهم هم في مراكزهم و عروشهم الصغيرة التي أقاموها من مخلفات و فضلات العرش الكبير، انهم كتلة واحدة متساندة تشعر أن في التصدي لمصلحة خلية واحدة منها متمثلة بشريف واحد، استعدادا للتصدي لجميع الاشراف المتحلقين حول العرش، بل للعرش نفسه، و هم ليسوا علي استعداد للتنازل بسهولة و التراجع أمام (اعتداء) كهذا يرون أنه يستهدفهم جميعا.

و هذا و سبب رفضهم التغيير في كل العصور، سواء في زمن الانبياء السابقين و في ظل سيادة الاباطرة و القياصرة و الفراعنة، أو في زمن الرسالة المحمدية أو فيما بعد، مع (الخلفاء) و الملوك و السلاطين و غيرهم، و يبدون رفضهم التغيير بأنه استجابة لسنن الاباء الاشراف الذين أرسلوا لهم دعائم (شرفيتهم) و وجاهتهم و نفوذهم و ثرواتهم، و مهدوا لهم الطريق لكي يكونوا علي راس المجتمع و في قمته، و لا يعني التغيير - بنظرهم - الا منافستهم علي الثروة و النفوذ و أزاحتهم عن تلك المراتب التي رتبوها لأنفسهم أو رتها آباؤهم لهم، و ظهور طبقات جديدة من (الاشراف) تحل محلهم، و هذا أمر قد يتعلق بالاشراف في كل زمان و مكان.

و في القرآن أمثلة عديدة علي تصدي أولئك الملأ أو الاشراف للرسالات السماوية و وقوفهم الي جانب الفراعنة و الطواغيت لمنع انتشارها، معتبرين ان مساواتها بينهم و بين عبيدهم و فقرائهم و سوقتهم علي المستوي الانساني العام لا يؤهلها لكي تكون رسالات عظيمة و الا لكانت قد كرست لمصالحهم و مكانتهم


و نفوذهم، و ذهبوا الي حد اعتبار تلك الرسالات غير صحيحة أو مؤهلة ما دامت قد أنزلت علي أناس فقراء لا يبلغون مستواهم في الثراء و النفوذ. [1] .

فلما لم يكن الانبياء منحازين اليهم فانهم اعداء لهم و حرب عليهم. و أحري بهم أن يتصدوا لهم بنفس الشراسة التي يتصدون بها لمن يقصد الاضرار بهما شخصيا.


پاورقي

[1] (و قالوا لو لا نزل هذا القرءآن علي رجل من القريتين عظيم) سورة الزخرف، آية 31.