بازگشت

مع ابن زياد ضد مسلم


القوة و المال معه أيضا و عندما أحاط مسلم بعدة الاف من أهل الكوفة جاءوا معه، بقصر ابن زياد، أثر حادث القبض المفاجي ء علي هاني ء تحرز ابن زياد في القصر و غلق الابواب، و قد ضاق به ذرعه، (و كان كبر أمره ان يتمسك بباب القصر، و ليس معه الا ثلاثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من أشراف الناس و أهل بيته و مواليه، و أقبل أشراف الناس يأتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي داري الروميين، و جعل من بالقصر مع ابن زياد يشرفون عليهم، فينظرون اليهم، فيتقون ان يرموهم بالحجارة، و أن يشتموهم و هم لا يفترون علي عبيدالله و علي أبيه.

و دعا عبيدالله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فأمر أن يخرج فيمن اطاعه


من مذحج، فيسير بالكوفة، و يخذل الناس عن ابن عقيل و يخوفهم الحرب، و يحذرهم فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس، و قال مثل ذلك لمحمد بن الاشعث و للقعقاع بن شور الذهلي و شبث بن ربعي التميمي و حجار بن ابجر العجلي، و شمر بن ذي الجوشن العامري، و حبس سائر وجوه الناس عنده استيحاشا اليهم لقلة عدد من معه من الناس.. و خرج كثير بن شهاب يخذل الناس عن ابن عقيل.

فبعث عبيدالله الي الأشراف فجمعهم اليه ثم قال: أشرفوا علي الناس، فمنوا أهل الطاعة الزيادة و الكرامة، و خوفوا أهل المعصية الحرمان و العقوبة، و اعلموهم وصول الجنود من الشام اليهم..) [1] .

و قد تحدث أحد أهل الكوفة، عبدالله بن خازم الكثيري من الازد، من بني كثير، قال: (أشرف علينا الاشراف، فتكلم كثير بن شهاب أول الناس حتي كادت الشمس ان تحجب، فقال: أيها الناس، الحقوا بأهاليكم، و لا تعجلوا الشر، و لا تعرضوا أنفسكم للقتل، فان هذه جنود أميرالمؤمنين يزيد قد أقبلت، و قد أعطي الله الامير عهدا و لئن اتممتم علي حربه و لم تنصرفوا من عشيتكم ان يحرم ذريتكم العطاء، و يفرق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام علي غير طمع، و أن يأخذ البري ء


بالسقيم، و الشاهد بالغائب، حتي لا يبقي له فيكم بقية من أهل المعصية الا أذاقها و بال ما جرت أيديها، و تكلم الاشراف بنحو من كلام هذا، فلما سمع مقاتلهم الناس أخذوا يتفرقون) [2] .

و قد روي المجالد بن سعيد قائلا: (ان المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك. و يجي ء الرجل الي ابنه أو أخيه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام، فما تصنع بالحرب و الشر، انصرف. فيذهب به، فما زالوا يتفرقون و يتصدعون حتي أمسي ابن عقيل و ما معه الا ثلاثون نفسا في المسجد) [3] .

و هكذا وقف اشراف الكوفة و وجوههم في أدق و أصعبه مر به ابن زياد علي الاطلاق منذ مجيئه الكوفة، موقفا مناصرا له معرضين أنفسهم لما تعرض له هو من مخاطر و اهانات مستغلين مراكزهم كزعماء للقبائل و ذوي نفوذ واسع و كلمة مسموعة بين أوساط الناس، و حاولوا أن يضعوا كل فرد في زاوية بدا فيها و كأنه كان لوحده يواجه سطوة الدولة كلها، اعلموهم أن مسألة التغيير و مسائل الحكم ليست من اختصاصهم و ما هم الا أدوات صغيرة في عجلة الدولة الكبيرة، و ان عليهم أن يهتموا بشؤونهم الحياتية اليومية و لا يعرضوا أنفسهم للسلطان القوي المدمر الذي خبروه و عرفوه من قبل و كانت جولات صراعهم معه من قبل لصالحه.

و ذهبوا الي حد استغلال النساء و ضعفهن و خوفهم و أثاروهن ضد اخوانهم و أبنائهن يحرضنهم علي التخلي عن مسلم، و رجحوا الكفة الي جانب ابن زياد بالتالي بشكل تام بعدما تفرق انصار مسلم عنه، و غدا وحيدا في الكوفة لا ناصر له و لا معين، كما ذهبوا الي حد التصدي لمسلم بأنفسهم (و ان ابن الاشعث و القعقاع بن شور و شبث بن ربعي قاتلوا مسلما و أصحابه عشية سار مسلم الي قصر بن زياد قتالا شديدا) [4] .


پاورقي

[1] الطبري 288 - 278 / 3 و ابن الأثير 394 - 393 / 3 و هناک موقف لأشراف الکوفة مشابه لهذا الموقف عندما حرضوا الناس علي حجر بن عدي و شهدوا ضده بايحاء من زياد عندما هددهم قائلا: (.. انتم معي و اخوانکم و ابناؤکم و عشائرکم مع حجر... هذا و الله من دحسکم و غشکم! و الله لتظهرن لي براءتکم او لآتينکم بقوم أقيم بهم أودکم و صعرکم، فوثبوا الي زياد فقالوا: معاذ الله سبحانه أن يکون لنا فيما هاهنا رأي الا طاعتک و طاعة أميرالمؤمنين، و کل ما ظننا ان فيه رضاک و ما يستبين به طاعتنا و خلافنا لحجر فمرنا به، قال: فليقم کل امري‏ء منکم الي هذ ه الجماعة حول حجر، فليدع لکل رجل منکم أخاه و ابنه و ذا قرابته و من يطيعه من عشيرته، حتي نقيموا عنه کل من استطعتم أن تقيموه، ففعلوا ذلک، فأقاموا جل من کانوا مع حجر بن عدي..) الطبري 221 - 220 / 3 و قد شهد الأشراف من رؤوس الارباع و غيرهم شهادة مزورة ضد حجر ادعوا فيها انه خلع الطاعة و فارق الجماعة و لعن الخليفة و دعا الي الحرب و الفتنة، و من المعلوم ان نفس أولئک الاشراف السائرين برکاب زياد کانوا في رکاب ابنه و أعادوا نفس أدوارهم القديمة و منهم عمر بن سعد و کثير بن شهاب و شبث بن ربعي و القعقاع بن ابجر و عمر بن الحجاج و أسماء بن خارجة و شمر بن ذي الجوشن.

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق.

[4] الطبري 294 / 3.