بازگشت

انحياز تام للشر


فقد كان هجوم شمر علي مخيم الحسين عليه السلام بداية القتال الفعلية، اذ لم تجر قبل ذلك سوي مناوشات طفيفة قتل فيها بعض أصحاب الحسين - رضوان الله عليهم، أما بعد هجوم شمر فقد بدأ الهجوم الواسع الذي قتل فيه كل أصحاب الحسين الآخرين.

و عندما بقي الحسين عليه السلام وحيدا بعد أن قتل أصحابه و أصيب بجراحات عديدة أقبل شمر بن ذي الجوشن (في نفر نحو من عشرة من رجالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله و عياله، فمشي نحوه، فحالوا بينه و بين رحله، فقال الحسين: ويلكم ان لم يكن لكم دين، و كنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في أمر دنياكم أحرارا ذوي أحساب، أمنعوا رحلي و أهلي من طغامكم وجها لكم.

فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا بن فاطمة.

و أقدم عليه بالرجالة منهم أبو الجنوب، و القشعم الجعفي و صالح اليزني و سنان بن أنس النخعي، و خولي بن يزيد الأصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرضهم، ثم أن شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين؛ فأخذ الحسين يشد عليهم فينكشفون عنه، ثم انهم أحاطوا به احاطة) [1] .

لم ير الامام أن يطلب منهم باسم الاسلام أن يمنعوا رحله و أهله من طغامهم وجها لهم، ان لم يكن لهم دين و لم يكونوا ممن يخاف يوم المعاد، بل أراد استنهاض البقية الباقية مما قد يميلون الي التفاخر به من حسب و شهامة عرف بها العرب ليمنعهم بذلك عما تأنف العرب منه قبل أن يعرفوا الاسلام و يدينوا به.

و لعل ابن ذي الجوشن حسب أنه باستجابته لطلب الحسين عليه السلام و مخاطبته أياه بابن فاطمة أنه كان يتنازل فيسلك سلوك الاحرار، و أنه كان يقلل من قيمة الامام عليه السلام و كأنه لم يكن يعلم من هي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. كان يدين نفسه اذ يذكرها في هذا المقام، و هي من هي في شرفها و علو مكانتها و نسبها.

لقد تولي شمر مهمة التحريض علي قتل الحسين، و تولي قيادة قتلته، و لعل أحدا غيره ما كان ليجرأ علي قتله لو لم يقم شمر بهذه المهمة.



پاورقي

[1] المصدر السابق.