بازگشت

محاولة لشق صف أصحاب الحسين


علي أن دورا خبيثا حاول شمر لعبه مع ابن زياد، و هو محاولة شق صف أصحاب الحسين عليهم السلام و تفريقهم عنه، و قد كانت بداية المحاولة مع العباس و اخوته عليهم السلام الذين فوتوا عليه الفرصة باصرارهم علي البقاء الي جانب أمينهم و امامهم، و كان نجاح تلك المحاولة كفيلا بجعل ابن زياد بل و حتي يزيد نفسه و كل أقطاب الحكم و مسانديه يطيرون فرحا، اذ يتمكنون من استغلال تلك الفرصة و تعزيز موقفهم (و شرعية) اقدامهم علي قتل الحسين و بقية أصحابه و سيقولون: انظروا الي العباس و اخوته، أليسوا هم أولاد علي بن أبي طالب أيضا،؟ انظروا اليهم كيف تخلفوا عن الحسين و كيف تركوه بعد أن بانت لهم شرعية خلافة يزيد و خطأ الحسين بالخروج عليه.

انهم سيحعلون من ذلك وسيلة اعلامية يشوشون بها الأذهان حول مشروعية الثورة، كما حاولوا بالفعل، مستغلين قعود العديدين من أقارب الحسين عليهم السلام و بعض وجهاء المسلمين و عدم مشاركتهم بالثورة لتمرير كل أكاذيبهم و مخططاتهم وردع كل من يحاول الخروج علي سلطانهم و حكمهم.

(لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب، قام هو و عبدالله بن أبي المحل و كانت عمته أم البنين ابنة حزام عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فولدت له العباس و عبدالله و جعفرا و عثمان - فقال عبدالله بن أي حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامرا بن كلاب: أصلح الله الأمير، ابن بني اختنا مع الحسين، فان رأيت أن تكتب لهم أمانا قال: نعم و نعمة عين.

فأمر جانبه، فكتب لهم أمانا، فبعث به عبدالله بن أبي المحل مع مولده له يقال يقال له كزمان فلما قدم عليهم دعاهم، فقال: هذا أمان بعث به خالكم، فقال له


الفتية: أقري خالنا السلام، و قل له: أن لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية) [1] .

و يبدو أن عبيدالله بن زياد وجد أنها كانت فرصة طيبة تتاح له عندما يتقدم عبدالله بن أبي المحل بطلبه الامان للعباس و أخوته. لتفريق صف الحسين عليه السلام كما أسلفنا.

و قد حاول شمر الاستفادة من هذا الأمر الذي رفضه العباس و أخوته بحسم معلنين وقوفهم النهائي مع الحسين عليه السلام قائلين: لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية.

و هو جواب من شأنه أن يثير ابن زياد الي أبعد حد، كما أن من شأنه أن يثير شمرا و يجعله أكثر شراسة و تصميما علي تنفيذ المذبحة غير أنه وجد أن الامر يستحق بذل محاولة أخري لعزل العباس و أخوته، و أراد استغلال قرابته البعيدة منهما - اذ أنه كان كلابيا ينتمي لقبيلة أمهم - للتأثير عليهم.. لذلك فانه جاء (حتي وقف علي أصحاب الحسين، فقال: اين بنو اختنا؟ فخرج اليه العباس و جعفر و عثمان بنو علي، فقالوا له:

مالك، و ما تريد؟ قال: أنتم يا بني اختي آمنون.

قال له الفتية: لعنك الله و لعن أمانك، لئن كنت خالنا أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له؟) [2] .

و بوقفتهم الرسالية الحاسمة و جوابهم الواضح فوتوا عليه الفرصة ثانية لكي يشق صفهم و يفرقهم و يعزلهم عن أخيهم و قائدهم.

و لا نحسب ان شمرا كان يستطيع هضم تلك الاهانة دون أن يرد عليها ردا مصبوغا بالدم، و كان انزعاجه و توتره عاملا لتوتر الجيش كله... فمبعوث ابن زياد جاء ليدق ناقوس الحرب و يعد حمام الدم، و لا يهمه ان كان في عداد الضحايا (أبناء أخته) أنفسهم الذين ادعي الحرص علي حياتهم خصوصا و أنهم واجهوه بذلك الاسلوب الشديد الذي كان حريا أن يخجل منه و ان يطأطي ء له رأسه، و حرموه من
رؤيتهم مستسلمين خاضعين اذلاء بين يدي ابن زياد، و من رؤية الحسين عليه السلام وحيدا دون أهل بيته و صفوة أصحابه.


پاورقي

[1] المصادر السابقة و النص عن الطبري 314 / 3.

[2] نفس المصادر السابقة.