بازگشت

الجريمة لابد أن تتم...


ليحرم شمر من الفوز: لا و لا كرامة، أنا أتولي ذلك أن تعليماته بخصوص التمثيل بالجثث بعد قتل الحسين و أصحابه عليهم السلام تدل علي عزمه بالمضي في الجريمة الي النهاية، مهما كان من أمر المنفذ المباشر، سواء أكان هو أو شمر، و قد علم ابن سعد بتصميم ابن زياد علي اتمام جريمته؛ و كان يعلم عاقبة عصيانه، خصوصا اذا ما كان القائد الجديد هو شمر، صاحب طاقات الشر الهائلة و معتمد ابن زياد الجديد.

ان رسالة ابن زياد تدل علي أن ابن سعد كان يتمني تنازل الحسين عليه السلام عن


موقفه، و لم تدل علي أن الحسين عليه السلام قد تنازل فعلا و طلب وضع يده بيد يزيد، اذ لو كان قد فعل ذلك لحسمت المسأله و انتهت، و لما طلب ابن زياد من ابن سعد أن يدعو الحسين عليه السلام للنزول علي الحكم أو الاستسلام، و هذا ما يؤيد بطلان مزاعم ابن سعد حول رغبة الحسين عليه السلام بالصلح أو الاستسلام. اضافة لما ذكرناه من وقائع و شهادات أخري تثبت بطلان تلك المزاعم.

لقد أدرك ابن سعد ان شمرا كان ينتظر جوابا سريعا منه، و ان أية بادرة لتردد أو التباطي ء قد تعرضه للقتل خصوصا و أنه في موضع دقيق ربما كانت فيه حركاته و سكناته موضع رصد و مراقبة من قبل عيني شمر الفاحصتين المدققين.

و لم يحتمل الأمر - بنظره - مراجعة و استشارة أخري، و كان عليه أن يبث في المسألة بشكل قاطع و نهائي و الاسبق السيف الي عنقه، و بدت آماله بتسوية المسألة قد انتهت الي الأبد، و بدا كما لو كان محصورا في زاوية ضيقة، و هذا ما أثاره و جعله يتهم شمرا - بشكل خاص - بتحريض ابن زياد، و ربما حسب أنه يفوت الفرصة عليه اذا ما مضي بمهمته الي النهاية، و حاول أن يبين أمام مرؤوسيه و تابعيه - ربما من باب رد الاعتبار، ان ما كان يجري هو نوع من النزاع الشخصي بينه و بين شمر، أو نوع من السباق و المنافسة الشخصية يثبتان فيه ولاءهما و اخلاصهما لدولة الظلم الاموية، و من هنا كان غضبه البارد علي شمر، و قوله له، عندما أقبل اليه بأوامر ابن زياد (مالك، ويلك، لا قرب الله دارك، و قبح الله ما قدمت به علي، و الله اني لأظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به اليه، أفسدت علينا أمرا كنا رجونا ان يصلح، لا يستسلم و الله حسين، ان نفسا أبية لبين جنبيه.

فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك و تقتل عدوه، و الا فخل بيني و بين الجند و العسكر؛ لا و لا كرامة لك، و انا أتولي ذلك دونك و كنت أنت علي الرجال.

فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم) [1] .

و يبدو من سياق الحوار ان شمر لم يعر غضبة ابن سعد أية أهمية، و ربما لأنه لم يعره هو شخصيا آية أهمية، و بدا مصمما علي سماع رأيه الواضح و جوابه الصريح


علي رسالة أميره حالا، و هو ما فعله ابن سعد، و كان رد فعله هو الاستجابة لرغبة أميره، و قد حرم شمر (كرامة) قيادة الجيش القاتل و اسند اليه قيادة المشاة، و هو صنف قليل واطي ء من أصناف الجند، و قد حسب بذلك أنه ينكل به أو يهينه، و لم يحسب أن الشمر قد ظن نفسه منتصرا عليه عندما أجبره علي الاستجابة الفورية لأمر سيده و البدء بالقتال حالا، و أية أهمية كان شمر سيعيرها لأية اهانة، اذا ما أبدي استعداده المعلن للخضوع و تنفيذ أي أمر يفرح له أسياده.


پاورقي

[1] الطبري 313 / 3 و ابن الاثير 414 / 3 و تراجع المصادر السابقة.