بازگشت

مقرب جديد و مستشار موثوق


و يبدو ان شمر قد اشتهر في تلك الفترة بأنه من المقربين من ابن زياد و من حاشيته و ربما كان أحد مستشاريه الموثوقين، و لعل ذلك جعل الناس تخشاه خشية شديدة و تحسب له حسابا كبيرا، و قد اتسع نطاق الخوف منه ليشمل حتي قائد الجيش نفسه، عمر بن سعد كما سنري في غضون هذا البحث.

و قد اختاره ابن زياد مبعوثا خاصا له مضيقا بذلك رصيدا كبيرا له كصاحب شهرة معروفة بخدمة الدولة و الانحياز اليها، و قد آثر ان يكون ممثله في ساحة المعركة


و زوده بكتاب خاص الي ابن سعد، و تعليمات خاصة أيضا أتاحت له التصرف المطلق و استعمال كافة الوسائل لتحقيق الغلبة و منع الجيش من التراجع حتي و لو اقتضي الامر قتل ابن سعد قائد الجيش نفسه، و قد روي حميد بن مسلم أحد أصحاب ابن سعد المقربين، (ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: أخرج بهذا الكتاب الي عمر بن سعد، فليعرض علي الحسين و أصحابه النزول علي حكمي، فان فعلوا فليبعث بهم الي سلما، و ان هم أبوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له و أطع، و ان هذ أبي، فقاتلهم، فأنت أمير الناس، وثب عليه فاضرب عنقه، و ابعث الي برأسه.

ثم كتب عبيدالله بن زياد الي عمر بن سعد: أما بعد، فاني لم ابعثك الي الحسين لتكف عنه و لا لتطاوله، و لا لتمنيه السلامة و البقاء، و لا لتقعد له عندي شافعا. انظر،فان نزل الحسين و أصحابه علي الحكم و استسلموا، فابعث بهم الي سلما، و ان أبوا فازحق اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم، فانهم لذلك مستحقون، فان قتل حسين فاوطي ء الخيل صدره و ظهره، فانه عاق مشاق، قاطع ظلوم، و ليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا، و لكن علي قول لو قد القتلة فعلت هذا به، ان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، و ان أبيت فاعتزل عملنا و جندنا، و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر، فانا قد امرناه بأمرنا) [1] .

و لا شك ان تعليمات ابن زياد للشمر قد سبقته الي ابن سعد الذي ان يخشاه خشية شديدة كما كان - بنفس الوقت - يطمع أن يوليه ولاية الري، و لعله كان من أعلم الناس بجرأته علي القتل و سفك الدماء، و الذهاب الي حد التمثيل بالجثث.


پاورقي

[1] نفس المصدر السابق.