بازگشت

خادم جديد


و طاقة كبيرة للشر، اخلاص مفتعل و حقد أصيل

و لو تتبعنا سير الاحداث منذ دخول مسلم الكوفة... لو جدنا أن شمر قد ظهر مع حاشية ابن زياد عند محاضرة مسلم القصر، و قد طلب ابن زياد منه أن يخرج مع بقية اشراف الكوفة مثل كثير بن شهاب و القعقاع الذهلي و شبث بن ربعي و حجار بن أبجر فيسيرون في الكوفة و يخذلون الناس عن مسلم و يخوفونهم الحرب و يحذرونهم عقوبة السلطان، و يرفعوا راية أمان لمن يتخلي عن مسلم و يلتحق بهم. [1] .

و يبدو أنه بذل جهودا استنائيه بهذا المجال، جعلت ابن زياد يثق به و يقربه


و يجعله مستشاره في تلك الفترة الدقيقة الواقعة بين استشهاد مسلم و استشهاد الحسين عليه السلام و بعيد ذلك عند مرافقته الرؤوس الشريفة و قافلة الاسري الي دمشق.

كان شمر خادما نموذجيا تطوع في جيش دولة الظلم، و كان كرهه الواضح للحسين عليه السلام بشكل متميز حقا، جعل الانظار تتجه اليه كمجند لهذه الغاية فقط و كمستميت من أجل تحقيق الغلبة لسيده، و بهذا وحده كان معروفا من الجميع، حتي من قبل عمر بن سعد، قائد الجيش المتردد الذي كان يكره الحسين عليه السلام دون شك، و كان يريد يقتله التقرب من رئاسة السلطة و أعلن استعداده لذلك و ذهب في النهاية لينفذ الأوامر، و مع ذلك فقد كان يأمل أن تنتهي المسألة و أن يستسلم الحسين عليه السلام عندما يجد نفسه في ذلك الموقف الدقيق بمواجهة جيشه الضخم، و مع ذلك فان كرهه المعلن للحسين عليه السلام ما كان يفوق ما ابداه شمر، و قد قال له في احدي المناسبات عند وفوده عليه من قبل ابن زياد، و بعد تحريضه اياه بعدم الاستجابه لطلب الحسين عليه السلام بالرجوع، و الطلب منه أن يستسلم و ينزل علي حكمه (مالك ويلك، قبح الله ما جئت به. و الله اني لا ظنك أنت ثنيته ان يقبل ما كنت كتبت اليه به. أفسدت علينا أمرا كنا رجونا أن يصلح، و الله لا يستسلم السحين أبدا، و الله أن نفسا ابيه لبين جنبيه) [2] .

و مهما يكن من أمر صحة هذه الرواية، التي ربما اريد بها تحميل شمر وحده مسؤولية الجريمة في النهاية و تبرئة الآخرين الذين أريد لهم أن يظهروا بصورة المخدوعين أو المترددين أو المجبرين علي اتخاذ الموقف الذي وقفوه، فلا شك ان محصلة اعمال شمر في تلك الفترة الدقيقه، كانت تنبي ء عن وجود طاقة هائلة للشر بين جنبيه، و قد جعل مهمته الأساسية و غايته العليا قتل الحسين و أصحابه عليه السلام و (النجاح) بهذه المهمة و (الفوز) بمشاركة شخصية رجا ان ينال بها حظوة الدولة و رضاها حتي و لو كان الثمن الحصول علي مجرد ابتسامة لا غير من ابن زياد أو يزيد؛ و كان هذا ما يرضيه و يسعده الي أبعد حد.

كان يشع بالكراهية و الشر - ان صح التعبير و كان موقف الكراهية الثابت هذا حافزا لثبات ابن زياد نفسه و عزمه علي المضي في مهمته الي النهاية ان تطوعه في


خدمة سيده، شجع ذاك (السيد) المستفيد من (قضيته) أصلا للمضي في استثمار الموقف و الافادة منه الي أبعد حد، فلئن يجد (صاحب القضية) من يندفع معه في (قضيته) الي أبعد حد فانه يجد في ذلك أيضا عاملا مشجعا و مساعدا لكي لا يتماهل أو يتقاعس أو يتصرف بأقل من مستوي الحماس الذي يبديه المتطوع الذي لعله لا يجني ثمار مساعيه في النهاية الا أذي و تعبا و سوء مصير.

و قد أدي شمر دورا آخر لعله كان مألوفا و غير مستهجن في أوساط الاشراف، و هو دور العين أو الجاسوس. الذي قام به غيره كما رأينا، و كان منهم عمر بن سعد الذي حسب أنه الوسيلة المثلي للتقرب من أقطاب السلطة.


پاورقي

[1] بحارالأنوار - العلامة المجلسي - مؤسسة الوفاء - بيروت لبنان ج 44 ص 349 ط 983 - 3 و الطبري 287 / 3 و ابن الأثير 272 - 2 و الارشاد للمفيد ط 1 ايران ص 193 و نهاية الأرب ج 2 ص 398 - القاهرة.

[2] ابن الاثير 415 / 3 و الطبري 313 / 3.