بازگشت

المختار،اختار الثار


لأقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين

و يبدو أن وقعة المختار بقتلة الحسين عليه السلام بذلك الأسلوب المثير و لجوئه الي أساليب جديدة في التعامل مع أعدائه، و فهمه لواقع مجتمعه، جعل أعداءه، أعوان دول الظلم كلها يعمدون الي تشويه صورته و ابرازه كشخص ذي طموحات و مطامع و نزوات و شظحات و أنه لم ينطلق بدافع من شعور ديني حقيقي. ان قتله قتلة الحسين عليه السلام و أصحابه، قد يكون من شأنه أن يشكل رادعا لأشخاص محتملين يساندون دول الظلم، و لذلك فانه بالقدر الذي سعت فيه الدولة الاموية لتشويه صورته، كما عمدت في ذلك مع جميع أعدائها و منهم أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه، فان الدول اللاحقة و من يتبني مواقفها من الكتاب المؤرخين اتخذت نفس الموقف منه باعتباره عدو الدولة الاموية (النموذج) لهذه الاول، و قد حذا الزبيريون و أعوانهم أعداء آل البيت عليهم السلام حذو الامويين في هذا لمجال.


و سنحاول بعون الله التطرق الي شخصية المختار و أسلوبه في التعامل مع أعدائه عند الحديث عن نتائج الثورة.

لقد أعلن المختار عزمه علي قتل عمر بن سعد، و قد حدث جلساءه ذات يوم: (لاقتلن غدا رجلا عظيم القدمين، غائر العينين، مشرف الحاجبين، يسر مقتله المؤمنين و الملائكة المقربين) [1] و كان يصف ابن سعد بقوله هذا، و هو وصف ما كان يخفي عن جلساء المختار، الذين سارع أحدهم باخبار ابن سعد بنواياه نحوه.

و قد حاول ابن سعد التوسط لدي المختار عند ظهوره أمره و غلبته لأخذ أمان منه، و يبدو أن المختار كان يتوقع سعيه هذا فكتب صيغة أمان تحتمل تأويلا آخر لمعناه الظاهري و قد نوي حقا علي الايقاع به في الوقت المناسب. [2] .



پاورقي

[1] المصدر السابق.

[2] و کانت صيغة الامان الذي کتبه المختار لابن سعد... (.. هذا أمان المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد، انک آمن بامان الله علي نفسک و مالک و أهل بيتک و ولدک، لا تؤخذ بحدث کان منک قدر ما سمعت و اطعت و لزمت رحلک و أهلک و مصرک. فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله و شيعة آل محمد و من غيرهم من الناس فلا يعرض له الا بخير. شهد السائب بن مالک و احمر بن شميط و عبدالله بن شداد و عبدالله بن کامل.

و جعل المختار علي نفسه عهد الله و ميثاقه ليفين لعمر بن سعد بما أعطاه من الأمان. الا أن يحدث حدثا و قد ورد قول مهم يشير الي قصد المختار بقوله (... الا أن يحدث حدثا فانه کان يريد به اذا ذهب الي الخلاء فاحدث) الطبري 464 / 3.. و لا نعتقد - من اطلاعنا علي سيرة المختار - انه کان بقصد الحدث الخروج عليه، بل نرجح الامر الثاني لأنه کان منذ بداية أمره يکن کرها شديدا لقتله الحسين عليه‏ السلام و يري قتالهم و القضاء عليهم کما يرد بوضوح عند استعراض حرکته.. و لعل توريته ب (الحدث)، الدخول الي بيت الخلاء يؤکد استهانته بشخصية ابن ‏سعد المهزوزة و عدم اهتمامه به و قد ترکته الي النهاية لاعتقاده أنه لن يجرؤ علي الهرب و سيقنع نفسه بصيغة الامان التي تحتمل التأويل... و قد ورد خبر آخر مفاده أن الذي جعل المختار يقدم علي قتل ابن ‏سعد، أن أحد أهل الکوفة التقي بمحمد بن الحنفية، (فجري الحديث الي أن تذاکروا المختار و خروجه و ما يدعو اليه من الطلب بدماء أهل البيت: فقال محمد بن الحنفية: علي أهون رسله يزعم أنه لنا شيعة، و قتلة الحسين جلساؤه علي أريکته يحدثونه) الطبري 462 / 3... وقد أخبر المختار بذلک... فقتل عمر بن سعد و ابنه و بعث برأسيهما الي ابن الحنفية و کتب اليه رسالة ورد فيها: (.. فان الله بعثني نقمة علي أعدائکم، فهم بين قتيل و أسير و شريد، فالحمد لله الذي قتل قاتليکم، و نصر مؤازريکم، و قد بعثت اليکم برأسي عمر بن سعد و ابنه،، و قد قتلت کل من اشترک في دم الحسين و أهل بيته - رحمة الله عليهم - کل من قتلهم... و لا يبلغني أن علي أديم الارض منهم آدميا).