بازگشت

قائد أم تابع


و يدل حوار آخر بين ابن سعد و بعض تابعيه و قواده علي مدي ضعفه و تردده و خوفه، فعندما أرسل الامام عليه السلام أخاه العباس و بعض أصحابه ليؤخر ابن سعد و أصحابه الي اليوم التالي قائلا له: (ان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عند العشية، لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره، فهو يعلم اني قد كنت أحب الصلاة له، و تلاوة كتابه، و كثرة الدعاء و الاستغفار) [1] و ذهب العباس لاداء الرسالة. (قال عمر بن سعد: ما تري يا شمر؟

قال: ما تري أنت، أنت الأمير و الرأي رأيك؟

قال: قد أردت الا أكون، ثم أقبل علي الناس فقال: ماذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان لله! و الله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها.

و قال قيس بن الاشعث: أجبهم الي ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة؛ فقال: و الله لو أعلم أنهم يفعلون، ما أخرجتهم العشية) [2] .

كان يحسب أنه اذا ما تأخر عن قتال الامام و أصحابه عليه السلام، فان ذلك سيثير غضب سيده، و كان يعمل منزلة شمر منه، تلك المنزلة التي استطاع أن يخطي بها في وقت قصير جدا لاندفاعه اللا محدود بخدمة الدولة و استعداده للدفاع عنها بكل جهده و قوته... و هكذا وجه الكلام له أولا مع أنه لم يكن أكبر قادته طالبا رأيه حول مسألة تأجيل القتال.


و كان جواب الشمر صفعة قوية له لو كانت قد بقيت له كرامه، اذ كيف يقدم أمير مثله علي طاعة احد مأموريه، لو لم يكن يخاف منه، اليس هو الأمير، و قد منح تفويضا بالعمل و التصرف.

و لعله أراد مداراة خجله بجوابه للشمر ثم سؤاله الناس ليبدو كمن عرض رأيه علي الناس جميعا لا علي شخص واحد.

و عندما استقر الرأي علي تأجيل القتال، أجاب اجابة اراد منها مداراة خجله و تردده ثانية، و أثبت بذلك هوانه و ضعفه و استسلامه.


پاورقي

[1] الطبري 315 / 3 و راجع المصادرالسابقة.

[2] المصدر السابق.