فحل بين الحسين و أصحابه، و بين الماء
أرسل اليه بعد كتابه الاول يأمره: (أما بعد، فحل بين الحسين و أصحابه و بين الماء، و لا يذوقوا منه قطرة، كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أميرالمؤمنين عثمان بن عفان) [1] .
و قد بادر ابن سعد الي الامتثال لأمر سيده دون نقاش (فبعث عمرو بن الحجاج علي خمسمائة فارس، فنزلوا علي الشريعة، و حالوا بين الحسين و أصحابه و بين الماء أن يسقوا منه قطرة، و ذلك قبل قتل الحسين بثلاث) [2] .
و بذلك اعاد صفحة قديمة اقدام فيها معاوية علي منع أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام الماء في الصفين حاسبا انه بذلك سيكسب الحرب، و عندما استطاعوا هزيمة أصحابه كانت أكبر مفاجأة له هو لم أنهم يقابلوه بالمثل، و سمحوا له بورود الماء كما أمرهم أميرالمؤمنين عليه السلام.
و عندما يعمد ابن زياد الي مثل ما عمد اليه معاوية من قبل، فانه يحسب أن الحسين عليه السلام سيتراجع لمجرد حرمانه من الماء، و لم يدر في خلده ان هذه الخطوة
الجبانة ستهز وجدان الامة و تجعلها تفكر بخطوة الامام الشجاعة، بل المتناهية في الشجاعة الي أبعد حد، و ان الامام عليه السلام أراد لفت نظر الامه بالأداء الرائع لثورته و الاقدام علي مواجهة الانحراف بالدم و الشهادة لتظل صورة ذلك الأداء ما ثلة امامها علي الدوام، و كأن أعداءه ساعدوا - بمنعه الماء و اقدامهم علي جرائهم حتي قتل الاطفال الرضع - علي أن تظل تلك الصورة شاهدا علي انحرافهم و ابتعادهم عن الاسلام، و علي عدالة قضية الحسين عليه السلام و وضوحها و قوتها.
پاورقي
[1] المصدر السابق.
[2] نفس المصدر 311 / 3 و راجع المصادر السابقة.