بازگشت

الجريمة، لا يبررها الخوف من القتل أو الطمع


بملك الري كان ابن سعد يمثل أحد عناصر مجتمع الظلم، كابن زياد نفسه، و ربما كان تسلط ابن زياد و قسوته و عنجهيته هو حجته الوحيدة امام من استنكر عليه قتل الحسين عليه السلام و أصحابه، و ربما برر اقدامه علي الجريمة بالخوف منه. و هو ما فعله أيضا.

فعندما طلب منه ابن زياد الكتاب الذي أرسله اليه و فيه يأمره بقتل الامام عليه السلام، ادعي أنه قد ضاع منه، ثم قال فيما بعد أنه أرسله الي المدينة ليقرأ علي عجائزها و يثبت براءته من الجريمة و انه كان (مجبرا) عليها بالأوامر التي صدرت اليه منه.

(عن عوانة، قال: قال عبيدالله بن زياد لعمر بن سعد بعد قتله الحسين: يا عمر، أين الكتاب الذي كتبت به اليك في قتل الحسين؟

قال: مضيت لأمرك وضاع الكتاب.

قال: لتجيئن به.

قال: ضاع.

قال: و الله لتجيئني به.


قال: ترك و الله يقرأ علي عجائز قريش اعتذارا اليهن بالمدينة؛ اما و الله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها ابي سعد بن أبي وقاص كنت قد أديت حقه) [1] .

و كان ابن سعد يحسب انه قد برأ ذمته بذلك، اذ أرسل الكتاب ليقرأ علي عجائز قريش اعتذارا اليهن، و انه بذلك قد نفض يديه من المسألة كلها و القي بتبعتها علي ابن زياد وحده، و كأنه كان مجرد آلة أو عصا مسلوبة الارادة بيد الطاغية و حسب؛ و قد أشرنا الي هذه القصة في معرض الحديث عن حملة تبادل الاتهامات التي جرت بعد الجريمة.

و لعل ابن سعد حس ابن قاري ء هذه الرسالة سيتصور أنه كان غير راغب في قتل الامام عليه السلام و أصحابه عليهم السلام.

غير أننا نتساءل: ما دام ابن سعد قد نصح ابن زياد بعدم الاقدام علي الجريمة، فلماذا أقدم عليها بنفسه و نفذها، و كان أول رام و معتد. أكان ذلك من قبيل (الانضباط العسكري) و اطاعة الاوامر، و هل كان أمر مخالفة ابن زياد جريمة تفوق جريمة الاقدام علي قتل الحسين عليه السلام التي اقدم عليها، و هل رأي في هذه الجريمة ما لا يضيره ما دام قد أمره بها سيده، و ما دام قد جعل له ملك الري ثمنا لذلك؟.

كان ابن سعد أحد الظلمة المستضعفين الذين تخاذلوا امام أسيادهم، كحال سيده ابن زياد نفسه، الذي تخاذل امام سيده رأس الدولة يزيد، عندما هدده بأن يعيده عبدا، ما لم يتصد للامم الحسين و يمنعه أو يقتله، و قد اقدم علي جريمته، و لم يضع أمامه مثله الأعلي (المنخفض)، و لم ير أنه محاسب الا من قبله هو وحده.


پاورقي

[1] الطبري 342 / 3.