بازگشت

الكهل الاخرق، طمعه قتله


و لو ابن سعد في عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم كما ذكر الجاحظ، و لعب دوره المعروف بقتل الحسين عليه السلام عام (61)، و لابد أن عمره كان في ذلك الوقت قد قارب الستين،: و ربما كان في منتصف العقد السادس، و هي سن يدرك صاحبها مسؤولياته، و يزن أعماله بدقه، لأنه محاسب عليها حسابا دقيقا.

و قد عاش حتي ذلك الحين عصور الخلفاء كلهم و عصر معاوية، و لعل مركزه كابن قرشي معروف ينتمي الي جيل الصحابة، و ابن (بطل القادسية) و أحد أعضاء


مجلس الشوري و عامل خليفتين علي الكوفة، أتاح له فرصة الا يكون مجرد مشاهد عادي للاحداث الكبيرة التي مرت بها الامة في ذلك الحين، و انما مشاهد مقرب عاش بالقرب من صناع تلك الاحداث و لم يفته منها الا ما اراد تناسيه هو.

أليس من العجيب أن ترد الاحاديث بفضل أميرالمؤمنين عليه السلام و مناقبة مسندة عن ابراهيم بن سعد عن والده و كذلك عن مصعب بن سعد و عامر بن سعد و عبدالرحمن بن سعد و عائشة بنت سعد و عبدالله بن سعد، أي بيت سعد كله و لا يسمع بها عمر و هو أكبر هم؟ لماذا انكرها مع انه كان يعيش في بيت كله يتذاكر و يروي مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام؟ اشترك بيت سعد ابن أبي وقاص كله برواية حديث الرسول صلي الله عليه وآله وسلم مخاطبا أميرالمؤمنين عليه السلام «لاترضي ان تكون مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه ليس نبي بعدي» [1] .

و قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي» [2] .

و سمع منه حديث الغدير أيضا و حضر حوادث و مناظرات جرت بينه و بين بعض رواة لاحديث و بعض صناع الاحداث، فلم لم يرو عنه، و لم انفرد عن اخوته و أخته بسكوته المطبق ذاك؟، الا يكون حديثه عن والده ادانة شخصية له؟ خصوصا و أنه لعب دورا سيظل يذكر علي الدوام عندما ترأس الجيش الذي قتل الحسين و أصحابه عليه السلام.

و قد أراد معاوية سعدا أن يشترك في حملة سب أميرالمؤمنين عليه السلام و اجتمع به لهذا الغرض و قد امتنع سعد عن ذلك عندما قال له معاوية: ما منعك ان تسب ابا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فلن اسبه لأن تكون لي واحده


منهن أحب الي من حمر النعم، و ذكر له القصة التي قال عليه السلام فيها لأميرالمؤمنين: اما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبوة بعدي (الحديث) [3] .

و قد (قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد فذكروا عليا فنال منه، فغضب سعد و قال: نقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، و سمعته يقول: انت مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي، و سمعته يقول: لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله [4] و عندما عتب معاوية علي سعد لأنه لم يشاركه قتال علي عليه السلام قال له سعد: لقد ندمت علي تأخري عن قتال الفئة الباغية، يعني بها معاوية و من تابعه.[احكام القرآن 224 - 2.].

و من الغريب أن سعدا هذا رغم روايته لهذه الأحاديث و اعترافه بأنه سمعها عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مباشرة، وقف معاديا لأميرالمؤمنين عليه السلام، رغم مناشدته اياه بان يلتزم طريق الحق و الصواب، و انحاز الي جانب عثمان في مسألة الشوري و ضيع علي المسلمين فرصة تاريخية و التحق بركب قريش التي أعلنت عداوته و مناوأته و حربه، و حرموا بذلك من عدله و علمه، و لعله ندم علي موقفه بعد أن آل الأمر لمعاوية، اذ لم ير وجها للمقارنة بينه و بين أميرالمؤمنين عليه السلام بأي شكل من الأشكال.

نشأ ابن سعد و هو يحمل عقدة الكره القرشية المتكبرة المتجنية علي أمير


المؤمنين عليه السلام، و اذ عجزت قريش عن اظهار هذا الكره و أحنت رأسها أمام عاصفة الاسلام فان فرصة اظهار هذا الكره اتيحت لها عندما توفي الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم و وقفت تتحدي عليا، و جعلت من نفسها حائلا بينه و بين ممارسة حقه في قيادة الأمة علي المنهج الصحيح الذي أعده و رسمه أخوه و ابن عمه صلي الله عليه وآله وسلم، خاليا من شوائب الجاهلية و أقذارها.


پاورقي

[1] دونت ذلک کافة کتب الصالح - (صحيح البخاري في کتاب بدء الخلق و ابن ماجة في صحيحه ص 12 و أحمد بن حنبل في مسنده 338- 185 - 182 - 179 - 174 - 170 - 1 و الطيالسي في مسنده 29 - 28 - 15 و أبونعيم في الحلية 196 - 195 - 194 - 7. و الترمذي 300 - 2 و النسائي في الخصائص ص 17 - 16 - 4 و الخطيب البغدادي في تاريخه 324 - 1 و 402 / 4 و 288 / 3 و مستدرک الصحيحين 337 - 2 و غيرها من کتب الحديث و التاريخ.

[2] المصدر السابق.

[3] لما قال له معاوية: ما منعک أن تسب أبا تراب قال: (اما ما ذکرت ثلاثا قالهن رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم لان تکون لي واحدة منهن أحب الي من أن يکون لي حمر النعم، فلن أسبه. سمعت رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول و قد خلفه في بعض المغازي فقال له علي: يا رسول‏ الله تخلفني مع السناء و الصبيان؟ فقال صلي الله عليه وآله وسلم: اما ترضي أن تکون مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا بنوة بعدي. و سمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله فتطاولنا لها: فقال:ادعوا لي عليا. فأتاه و به رمد، فبصق في عينيه و دفع اليه الراية ففتح الله عليه؛ و لما نزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءکم و نسآءنا و نسآءکم و أنفسنا و أنفسکم) فدعا رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و قال: اللهم ان هؤلاء أهلي». الاصابة لابن حجر ج 2 ص 509.

[4] صحيح ابن ماجه ص 12.. و قد سأله معاوية: من سمع هذا معک؟ فقال سعد: سمعه فلان و فلان و ام سلمة. قال معاوية: لو کنت سمعت هذا لما قاتلته. شرح نهج‏ البلاغة - ابن أبي الحديد 201 - 1.