بازگشت

بين سعد و علي


اختار عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص، كأحد أعضاء (مجلس الشوري) السته، و قد أدلي بدلوه لصالح عثمان، و قد ناشده أميرالمؤمنين عليه السلام ألا ينحاز الا الي الحق، غير أنه لم ينحز الا الي مصالحه. فما عسي ما سيناله من علي اذا ما أصبح خليفة، و قد حث عبدالرحمن بن عوف علي اتهام مهمته التي كان يبدو انها تسير لصالح عثمان.


كانت قريش مستنفرة كلها لانجاز المهمة بذلك الاتجاه.

و قد ارتفعت صرخة عمار بوجه ابن عوف: (ان أردت الا يختلف المسلمون فبايع عليا). و ارتفعت مقابلها صرخة ابن أبي سرح: (ان أردت ألا تختلف قريش فبايع عثمان).

و ربما تردد ابن عوف امام مسؤوليته، الا أن سعد بن أبي وقاص حثه علي المضي بمهمته قائلا: (يا عبدالرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس) [1] .

و اختار عثمان، و انتصرت قريش علي سائر المسلمين.

لقد اردت فرض شروطها عن طريق ابن عوف علي أميرالمؤمنين عليه السلام: العمل بكتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه وآله وسلم (و عمل الشيخين) الذي اعتبرته مكملا للسنة، و قد رفض ذلك، فعمل الشيخين ليس ملزما، و قد قبل عثمان.

و حتي لو قبل أميرالمؤمنين عليه السلام فأنه كان سينحي أيضا قبل أن ينصب، و كان سيقال عندئذ: أنه أقر أن عمل الشيخين جزء من السنة و اعترف به، غير أن هذا الا ينافي حرصه علي نيل منصب الخلافة و ان هناك من هو أجدر به منه.

هل يا تري أنه اذا ما قال: نعم، سيقول عثمان: لا؟ ستتعادل كفتاهما في مسألة القبول بعمل الشيخين، و ستترجع كفة عثمان لأن قريش ارادته و لأنها ستتداول الأمر بينها فيما بعد، و هكذا قال قولته المشهورة: (حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل و الله المستعان علي ما تصفون؛ و الله ما وليت عثمان الا ليرد الأمر اليك، و الله كل يوم هو في شأن) [2] . [3] .


و قد ولاه عثمان الكوفة، (و كان أول عامل بعث به عثمان، سعد بن أبي وقاص علي الكوفة) [4] ، و قد عمل له سنة و أشهرا. ثم عزله بعد ذلك، و قيل ان السبب في ذلك هو أنه استقرض من عبدالله بن مسعود من بيت المال مالا، فلما تقاضاه لم يرجعه، و كان ذلك سببا لخصومة بينهما، حتي قيل أن ذلك كان أول ما نزغ به بين أهل الكوفة - و هو أول مصر نزع الشيطان بينهم في الاسلام، علي حد تعبير الشعبي (فلما بلغ عثمان الذي كان بين عبدالله و سعد غضب عليهما و هم بهما، ثم ترك ذلك، و عزل سعدا، و أخد ما عليه، و أقر عبدالله و تقدم اليه) [5] .

و كانت لابن أبي وقاص سوابق جعلت عمر بن الخطاب أيضا لا يطمئن اليه، فقد كان أحد العمال الذين قاسمهم عمر أموالهم. [6] .

و لما بني سعد قصر الكوفة ابان انشائها و بلغ عمر انهم يسمونه قصر سعد دعا محمد بن مسلمة فسرحه الي الكوفة و قال: اعمد الي القصر حتي تحرق بابه، فخرج، فأحرق الباب) [7] .

و في عام عشرين للهجرة (عزل عمر سعدا عن الكوفة لشكايتهم اياه، و قالوا: لا يحسن يصلي) [8] . الي أن أعاده عثمان ثم عزله بعد ذلك.


پاورقي

[1] و يبدو أن کره ابن أبي‏وقاص لأمير المؤمنين عليه‏ السلام کان قديما فقد روي عنه أنه قال: (کنت جالسا في المسجد انا و رجلين معي، فنلنا من علي بن أبي ‏طالب، فأقبل رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم غضبان، يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: مالکم و مالي، من آذي عليا فقد آذاني) ابن کثير 347 / 7 و الزوائد 129 / 9 رواه أبو يعلي و رواته ثقات.

[2] الطبري 582 / 2 و ما بعدها حول تفاصيل قصة الشوري، و العقد الفريد 31 / 5.

[3] و رغم معرفة سعد الاکيدة بمکانة أميرالمؤمنين عليه‏ السلام و صحة موقفه من الخارجين عليه بعد خلافته، فانه لم ينصره أو يلتحق به في حرب الجمل و حاول التشکيک بقعوده و قوله لأمير المؤمنين عليه‏ السلام (اني أکره الخروج في هذا الحرب في هذه الحرب فاصيب مؤمنا. فان أعطيتني سيفا يعرف المؤمن من الکافر قاتلت معک). الجمل / الشيخ مفيد ط 2 النجف ص 29.

[4] الطبري 582 / 2 و ما بعدها حول تفاصيل قصة الشوري و العقد الفريد 31 / 5.

[5] المصدر السابق 596 / 2.

[6] تاريخ الخلفاء - السيوطي 132.

[7] الطبري 516 - 480 / 2.

[8] المصدر السابق.