بازگشت

حديث الحوض ادانة لاعداء محمد


لقد تطرقنا الي الحديث عن الحملة الاموية الواسعة لطمس فضائل آل البيت عليهم السلام و نشر (فضائل) مقابلة لأعدائهم و منافسيهم... و لم يكن ذلك من الأمور الاعتباطية التي أقدم عليها الاعلام الاموي، و لم يكن من الامور التي يمكن أن يستغني عنها...

اذ كيف يبعد من يعترف بفضله قائد الدولة الاموية و أعوانه؟

و كيف تبرر ازاحته و أخذ مكانه؟

لقد وضع الاعلام الاموي ذلك نصب عينيه و جعله من أولويات عمله و في مقدمته و لم يغفل أو يتهاون في ذلك و لو للحظة قصيرة.

و كان من جملة مفردات العمل الاعلامي الاموي التركيز علي طمس أحاديث بعينها و التعتيم عليها و منع روايتها و تداولها بين المسلمين حتي ولو كانوا من جيل الصحابة الذين سمعوا تلك الاحاديث بأنفسهم، و بما أنه يمكن تداول هذه الاحاديث الا بسرية بعيدا عن رقابة الدولة و عيونها و أتباعها، فانها بدت ضربا من العمل السري الممنوع، و بدا ضياعها أمرا محتملا مقابل أحاديث أخري روجتها الدولة و شجعت عليها و أعطت لمن يرويها منحا. [1] .


و كان في مقدمة تلك الاحاديث حديث الغدير و الولاية الذي ورد بخطاب للرسول صلي الله عليه وآله وسلم أمام حشد ضم عشرات الالاف من المسلمين في غديرخم و حديث الثقلين و الحوض و غيرهما.

و قد أسهبنا في الحديث عن خطبة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم في غديرخم عندما أعلن بأمر من الله ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام علي كل مؤمن و مؤمنة و ألزمهم بها و جعله أولي بالمؤمنين من أنفسهم كما كان هو صلي الله عليه وآله وسلم فهو أخوه و نفسه.

و لأن أميرالمؤمنين عليه السلام كان يدرك الابعاد التي تضمنتها خطبة الغدير، و ضرورة ان يعرف المسلمون كلهم محتوي تلك الخطبة، لأنه كان بمواجهة التيارات التي أرادت الناس أن ينسوها، تلك التيارات التي أعلنت كراهيتها له بعد أن لم تجرؤ علي مواجهة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و رأي أن الاتجاه العام و قوي التأثير التي تقف في مواقع الحكم كانت تريد صرف الانظار عن مكانته من الاسلام و من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و لأنه علم أنه كان يواجه حملة تعتيم اعلامية علي شخصه، و ان الحملة كادت أن تتحول الي عداء اراد أعداؤه القدامي أن يصبوه في نفوس المسلمين كافة فقد أراد تذكير المسلمين بما قاله رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في حقه (جمع علي الناس في الرحبة. ثم قال لهم: انشد الله كل امري ء مسلم سمع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول يوم غديرخم ما قال لما قام، فقام اليه ثلاثون من الناس.

و في رواية أخري قام اثنا عشر بدريا، فقالوا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول يوم غديرخم: الست أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فقلنا، بلي يا


رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه: اللهم وال من والاه و عاد من عاداه) [2] .

و كان يدرك بحسه و بما كان يخبره به رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنه اذا ما غاب عن الساحة، فان الحملة لن تكون مجرد تعتيم و سكوت عن فضائله و منزلته الخاصة، و انما ستتحول الي عمل هجومي يستهدفه و آل بيته بالدرجة الأولي، لأن تلك كانت الواسطة الوحيدة التي تتيح لاعدائه اعلان اعلان شرعية وجودهم بمواجهته، فمتي ما تم لهم التقليل من منزلته تمت لهم فرصة رفع منزلتهم هم.

و اذ يصل الأمر الي سبه علنا من علي منابر المسلمين طيلة ثمانين عاما، فان ذلك يعني أن الحملة قد نجحت بتجريده من المنزلة المقدسة التي وضعه الله فيها و أعلن عنها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و القرآن الكريم، و أن أولئك الذين أخذوا يسبونه جعلوا ذلك من (الفرائض) التي ارادوا التقرب بها الي الله. [3] .


پاورقي

[1] و قد جرت حملة کبيرة مند عهد عمر بن الخطاب لمنع تداول الاحاديث النبوية بحجة عدم اختلاطها مع النصوص القرآنية و تأثيرها عليها، علما أن النص القرآني معجز و لا يمکن أن يؤثر فيه أو يشابهه قول حتي و لو کان قول رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه... و قد استغل توجه عمر لمنع رواية الأحاديث في الفترة اللاحقة لطمس تلک التي أکدت علي لعن و نبذ من أصبحوا في مرکز الصدارة بعد ذلک کآل ابي‏سفيان و آل مروان و غيرهم... اذ لو ظلت تلک الاحاديث متداولة لعرف الناس حقيقتهم و لما وصلوا الي المراکز التي وصلوا اليها في ظل عثمان و معاوية کما منحت امتيازات للقصاصين و الوضاعين و محتر في الرواية و الحديث علي وضع احاديث مناقضة لتلک علي لسان رسول‏ الله صلي الله عليه وآله وسلم اشادوا فيها بمن لعنوا و کان أعداء للاسلام... و ذلک بعد أن بعدت الفترة و بدأت الناس تنسي الاحاديث الأولي (الممنوعة)... و کان من شأن ذلک الوضع ان تختلق فيه أحاديث اخري علي لسان الرسول الکريم صلي الله عليه وآله وسلم عملت علي وضع أسس و مبادي‏ء جديدة غير تلک التي کان ينادي بها و يدعو لها صلي الله عليه وآله وسلم فيما مضي... و قد حاول الامويون فيها نسخ الاسلام برمته و الابقاء علي بعض المظاهر القشرية و الشکلية التي رأوا انها ضرورية لهم أيضا ما داموا قد أقاموا (شرعية) جديدة مبنية علي الاسلام نفسه و علي الاقوال و الاحاديث التي افتروها و نسبوها للرسول صلي الله عليه وآله وسلم نفسه.

[2] رواه أحد و عبدالله بن أحمد و البزاز (الفتح الرباني 23 - 127 / 126) و ابن کثير 211 / 5 و البزاز - کشف الاستار 190 / 3 و المعجم الکبير 157 / 5 - و الهيثمي - الزوائد 104 / 9.

[3] و قد قيل أن أحداهم نسبي سبه عليه‏ السلام بعد الصلاة، فقضي ذلک فيما بعد.