بازگشت

قضية أم مصالح شخصية


انتهي ابن زياد و هلك، غير أننا نتساءل: هل انتهت (قضيته) المرفوعة دائما


بوجه قضايا الاسلام الكبري؟ و هل انتهت النماذج المعادة المكررة له؟ أم أنه لا تزال تظهر أمامنا نسخ حديثة من الصورة القديمة نسخ ملونة متحركة عصرية. تلبس ملابس أهل هذا العصر و تتحدث لغتهم و تسعمل أدواتهم؟ و هل لا يقول هؤلاء ان لنا (قضية) أيضا ينبغي علينا الدفاع عنها حتي الموت؟ أي موت أعدائهم بالطبع.

فماذا كانت (القضية) التي حملها ابن زياد و دافع عنها طيلة حياته؟ هل كانت قضية منفصلة عن تلك التي حملها معاوية و زياد؟

ألم تكن سوي ترسيخ الحكم الاموي الذي قام علي المغالطات و الاكاذيب و التزوير و الرشوة و الارهاب؟

و اذ يقوم هذا الحكم بديلا لحكومة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و خليفته من بعده ماذا كان عليه أن يفعل؟ كان عليه أن يحطم الاسس التي قامت عليها الحكومة الاسلامية و يزور أقوال الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و يفسر القرآن علي هواه، لكي يضع أسسا بديلة عن تلك التي حطمها، و كان عليه أن يقنع الامة كلها بصحة توجهاته و خطأ توجهات الآخرين.

ان المنافس الحقيقي الذي شكل الخطر الأول علي الحكومة الاموية هم آل البيت عليهم السلام بما فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه، و اذ لم يستطيعوا النيل من الرسول الذي التفت حوله الامة كلها فانهم اشهروا حربهم المعلنة و الخفية علي آله و في مقدمتهم أميرالمؤمنين عليه السلام.

لقد فتشوا عن نقيصة واحدة فيه فلم يجدوها، فراحوا يرفعون من شأن أعدائه و منافسيه، و حاولوا طمس كل ما جاء بحق آل البيت عليهم السلام، و كان الاعلام الاموي المدعوم بالمال و السيف قد عمل طوال وجود الدولة الاموية علي اخفاء الحقائق و تشويهها، حتي اذا ولد الجيل الثاني من الامويين، الجيل المتلقي القتنع بالآباء و الاجداد، و الذي وجد أمامه حصيلة سعيهم ملكا واسعا عريضا، راح يعتقد أنه يرفع قضية حقيقة بمواجهة طامعين حاسدين و حسب، و هكذا كانت نظرة الجيل الثالث و الاجيال اللاحقة.

لم ير من يحدثه الحديث الصحيح ولم يشهد موقعة أو حادثة و لم يكن طرفا فيما مر من أحداث.

و اذا كان معاوية و عمرو بن العاص و زياد قد عرفوا لأميرالمؤمنين عليه السلام فضله، فلأنهم قد عاصروه و سمعوا من يحدثهم عنه، غير أنهم لم يستطيعوا الصمود


أمام اغراء الملك و الجاه و الثراء فضعفوا و سقطوا مبررين سقوطهم أمام الناس و أمام ابنائهم، أما أولئك الأبناء و خصوصا الاحداث منهم، فلم يروا الا (فضائل) آبائهم و الا عروشهم و ثرواتهم و تهافت الناس علي أبواب قصورهم، و هل من دلائل (أفضل) من هذه الدلائل الملموسة التي جعلت الناس يقبلون اقدامهم؟ و هل ان ذلك يمكن أنلا يعود لغير فضلهم و مكانتهم من الاسلام و من الرسول صلي الله عليه وآله وسلم.