بازگشت

الاسطورة الزائلة


لا تقبل الارض موتاهم اذا قبروا

و قد دعا المختار ابراهيم بن الاشتر نجل مالك الأشتر فعقد له علي سبعة الاف رجل و أمره أن يذهب لمناجزة ابن زياد و اعادة الجيش المنسحب معه.

و قد حاول اشراف الكوفة بزعامة شبث بن ربعي - الشريف المتقلب استغلال غياب و حوالي عشرة آلاف مقالت من أصحاب المختار عن الكوفة - للوثوب عليه و القضاء علي ثورته و أجمعوا علي قتاله، و انتظروا حتي اذا بلغ ابراهيم ساباط، و ثبوا بالمختار [1] .

و قد شاغلهم المختار و ارسل يستدعي ابراهيم بن الاشتر الذي عاد مسرعا، فكانت الدائرة علي اشراف الكوفة، و قد اتيحت للمختار فرصة قتل العديد ممن اشتركوا بقتل الحسين و أصحابه عليهم السلام.

و قد عاد ابن الاشتر للمهمة التي انتدبه اليها المختار لمواجهة ابن زياد. و قد ودعه المختار و أوصاه وصايا مهمة بشأن مواجهة عدوه.

كان هاجس جيش الكوفة هو الانتقام من ابن زياد شخصيا، لقد بدا لكل فرد من أفراد ذلك الجيش انه عدو شخصي له، فقضية الحسين عليه السلام كانت ساخنة متجددة في نفوسهم و ضمائرهم و لعلها كانت القضية الأولي التي كان يحملها أفراد ذلك الجيش بمواجهة جيش آل مروان الذي تزعمه ابن زياد، و لو كان غيره، زعيم ذلك الجيش الذي تجاوز ثمانين الفا لما استطاع جيش ابن الاشتر الذي يبلغ عشرة آلاف أن يتغلب عليه و يهزمه تلك الهزيمة المنكرة.

كان أهل الكوفة يرون أمامهم ابن زياد، عدوهم اللدود، وكان ابن الاشتر يلفت نظرهم الي عدوهم هذا الذي تمنوا، و من ورائهم جماهير الكوفة الخلاص منه، و ها هي الفرصة امامهم لتحقيق حلمهم الكبير، بل الوحيد، (هذا عبيدالله بن مرجانة قاتل الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، حال بينه و بين بناته و نسائه و شيعته و بين ماء الفرات أن يشربوا منه و هم ينظرون اليه، و منعه الذهاب في الأرض


العريضة حتي قتله و قتل أهل بيته؛ فو الله ما عمل فرحون بجبناء بني اسرائيل ما عمله ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

قد جاءكم الله به، و جاءه بكم، فو الله اني لأرجو ألا يكون الله جمع بينكم في هذا الموطن و بينه الا ليشفي صدوركم بسفك دمه علي أيديكم، فقد علم الله أنكم خرجتم غضبا لأهل بيت نبيكم) [2] .

و هزم جيش ابن زياد الجرار، و قتل ابن الاشتر ابن زياد (ضربه فقده بنصفين، و لما هزم أصحاب عبيدالله تبعهم أصحاب ابراهيم بن الأشتر، فكان من غرق أكثر ممن قتل، و أصاب عسكرهم فيه من كل شي ء) [3] .

كان عبيدالله نتاجا للدنس و الخطيئة، و نتاجا لولادة غير طبيعية لنظام التعسف و الظلم و الجور الخارج عن حدود الاسلام و قيمه و أحكامه، و كان وجوده رفضا لأي تعامل طبيعي أرساه اسلام، و كان مثالا مشوها للشر و الجريمة و الشك و سوء الظن و الغدر أفرزته فلسفة معاوية في الحياة و الحكم، و نسجته عقيلة زياد الملتوية المتقلبة


الحقودة، و كان نسخة منه، أشبهه من بين من وطي ء الحصي و لم ينتزعه شبه خال و لا ابن عم كما قال هو عن نفسه و شهد بذلك عليها. [4] .



(فيا ابن زياد بؤ بأعظم هالك

و ذق حد ماضي الشفرتين صقيل) [5] .



و قد حاول ابن زياد بث العزيمة في جيشه عندما حاول الاستهانة بقائد الجيش المقابل، تساءل ابن زياد قائلا: (من هذا الذي يقاتلني؟

قيل له: ابراهيم بن الاشتر.

قال: لقد تركته أمس صبيا يلعب بالحمام) [6] .

و لم يحسب أن مثل هذا الصبي يمكن أن يكبر و يذيقه الحمام.

و بعث المختار برأس ابن زياد الي الامام علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة، فقدم به عليه الرسول عند انتصاف النهار و هو يتغدي، فلما رآه قال:

(سبحان الله، ما اغتر بالدنيا الا من ليس له في عنقه نعمة؛ لقد ادخل رأس أبي عبدالله علي ابن زياد و هو يتغدي) [7] .


پاورقي

[1] ذکر الطبري أن هؤلاء کانوا شبث بن ربعي و عمرو بن الحجاج و شمر بن ذي الجوشن و محمد بن الاشعث و عبدالرحمن بن سعيد بن قيس و حجار بن ابجر و غيرهم و معظمهم من المشارکين بقتل الحسين عليه‏ السلام و لعلهم خافوا أن تدور الدائرة عليهم و أن يستهدفهم المختار بعد ظهور الشعائر التي تدعو للثأر للحسين عليه‏ السلام و أصحابه.. و کذلک ذکر ابن الاثير 495 / 3.

[2] الطبري 481 - 380 / 3 و ابن الاثير 26 / 4.

[3] نفس المصدر و قد قال عمير بن الحباب السلمي في جيش ابن ‏زياد:



و ما کان يجش يجمع الخمر و الزنا

محللا اذا لاقي العدو لينصرا



(ابن الاثير: 63 / 4).

[4] و رحم الله ابن مفرغ حينما يقول فيه:



ان المنايا اذا ما زرن طاغية

هتکن استار حجاب و أبواب‏



أقول بعدا و سحقا عند مصرعه

لابن الخبيثة و ابن الکودن الکابي‏



لا أنت زو حمت عن ملک فتمنعه

و لا متت الي قوم بأسباب‏



لا من نزار و لا من جذم ذي يمن

جلمود ذا ألقيت من بين الهاب‏



لا تقبل الارض موتاهم اذا قبروا

و کيف تقبل رجسا بين أثواب‏



ابن الاثير 63 / 4

و اورد الاندلسي بيتا منسجما مع هذه الأبيات علي لسان نفس الشاعر:



ان الذي عاش ختارا بذمته

و مات عبدا قتيل الله بالزاب)



العقد الفريد 153 / 5.

[5] الطبري 482 / 3 و ابن الاثير 63 / 4.

[6] العقد الفريد 152 / 5.

[7] المصدر السابق 153 - 152 / 5.