بازگشت

بين حال و حال


قبل و بعد (يزيد)

و بدأ فضل جديد من حياة ابن زياد بعد وفاة يزيد الذي كان قد جفاه و أظهر الكراهية له. و قد توفي يزيد في منتصف شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين أي بعد حوالي ثلاث سنوات و نصف السنة من اقدامه علي جريمة قتل الامام الحسين و أصحابه عليهم السلام.

و في أول خطاب له في البصرة بعد ورود خبر وفاة يزيد اليه عرض ابن زياد مثالبه و نال منه، و قد تنكر له و كأنه لم يكن طوع يديه في أي يوم من الايام و لم يكن أداة لتنفيذ مخططاته و مآربه، مما جعل الاحنف يستنكر ذلك الموقف اللا أخلاقي منه، و قد قال له، (انه قد كانت ليزيد في أعناقها بيعة، و كان يقال: أعرض عن ذي فنن، فاعرض عنه) [1] .

و يبدو أن مولاه مهران، ذلك الذي كان له دور كبير بتشجيعه في الكوفة لمواجهة مسلم و هاني ء، و كان قد أرسله لاستطلاع أوضاع الشام، و هو الذي و افاه بنبأ وفاة يزيد، قد شرح له اضطراب الاحوال في دمشق بعد حادث الوفاة المفاجي ء و تذبذب الولاء فيها بين ابن يزيد و بعض شخصيات الشام و ابن الزبير، و كان من المحتمل أن ترجح كفة ابن الزبير و هو ما يعني نكسة كبيرة لابن زياد.

و بما أن منصب الخلافة الشاغر، قد شغله من قبل و ترشح لاشغاله من كان يري أنه أقل منه كفاءة و منزلة، فانه أراد أن يدلي بدلوه و رأي أنه قد يمكن أن ينال هذا المنصب أيضا.

و قد حاول استمالة أهل البصرة بخطبة مطولة - لعلها أطول خطبة ذكرت له - عدد فيها الانجازات التي تحققت لهم علي يدي والده و يديه و قد جاء فيها: (يا أهل البصرة انسبوني، فو الله لتجدن مهاجر والدي و مولدي فيكم، و داري، و لقد وليتكم،


و ما أحصي ديوان مقاتلتكم الا سبعين الف مقاتل و لقد أحصي اليوم ديوان مقاتلتكم ثمانين ألفا، و ما أحصي ديوان عمالكم الا تسعين الفا، و لقد أحصي اليوم مائة و أربعين الفا، و ما تركت لكم ذا ظنة أخافه عليكم الا و هو في سجنكم هذا...) [2] .

و حاول اللجوء معهم الي أسلوب الرشوة (و كان في بيت مال عبيدالله يوم خطب الناس ثمانية الاف الف (و قال علي بن محمد) تسعة عشر الف ألف - فقال للناس: ان هذه فيئكم، فخذوا أعطياتكم و ارزاق ذراريكم فيه. و أمد الكتبة بتحصيل الناس و تخريج الاسماء، و استعجل الكتاب في ذلك، حتي و كل بهم من يحبسهم بالليل في الديوان، و اسرجوا بالشمع) [3] .

و قد أرسل مبعوثين الي الكوفة لاستمالة أهلها و دعوتهم لمبايعته، و قد رفضوا ذلك و قال أحدهم: يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني: (الحمدلله الذي أراحنا من ابن سمية، لا و لا كرامة) [4] و طردوا وكيله عليهم.

و قد أثر موقف أهل الكوفة علي البصرة، فرفضت مبايعته و قال الناس: (أهل الكوفة يخلعونه و أنتم تولونه و تبايعونه، فوثب به الناس) [5] .

و قد هرب بالأموال التي ظلت طعمة لآل زياد - فهي علي حد قول الطبري (الي اليوم تردد في آل زياد، فيكون فيهم العرس أو المأتم، فلا يري في قريش مثلهم، و لا في قريش أحسن منهم في الغضارة و الكسوه) [6] .

و استجار بمسعود بن عمرو، بعد أن قدم رشوة لزوجته.

و بعد قتل مسعود لم ير ابن زياد بدا من التوجه الي الشام و النجاة بجلده، (و لما هرب عبيدالله بن زياد اتبعوه، فأعجز الطلبة، فانتهبوا ما وجدوا له، فقال في ذلك وافد بن اسماء:




يا رب جبار شديد كلبه

قد صار فينا تاجه و سلبه



منهم عبيدالله حين نسلبه

جياده و بذه و ننهبه



يوم التقي مقنبنا و مقنبه

لو لم ينج ابن زياد هربه) [7] .




پاورقي

[1] الطبري 364 - 336 / 3 و 367 و ابن الاثير 468 / 3.

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق.

[4] الطبري 378 - 374 - 373 - 367 - 375 / 3 و ابن الأثير 477 - 469 / 3.

[5] المصدر السابق.

[6] المصدر السابق.

[7] المصدر السابق.