بازگشت

التظاهر بالعظمة محاولة للتعويض


عن دناءة الأصل و يبدو من دراسة شخصية ابن زياد و مواقعه المختلفة أنه كان مصابا بداء العظمة بشكل لم يكن يرجي له شفاء منه، و لعل متابعة سير طغاة التاريخ ترينا أن معظم من أصيب بهذا المرض الخطير الذي يترك آثاره علي فئات كثيرة من الناس. خصوصا اذا ما كان يحتل مركزا مرموقا، هم من أولئك الذين ينتابهم الشعور بالدونية و الضعة. متأت من نسب الأهل الذميم أو مركزهم الاجتماعي المتدني، فيحاولون التعويض عن ذلك باللجوء الي أساليب و انماط من السلوك و الحياة غير مألوفة و التظاهر بما لا يري الانسان العادي حاجة اليه. و لم يكن ابن زياد ممن يرتاح الي الأصل الذي ادعاه معاوية لآل زياد، و كان يشعر بهوان ذلك،خصوصا و أنه يجابه دائما بأصله الصحيح. و ربما كان ابن زياد يري أن ذلك الأصل (الصحيح) المتدني كان أجدر أن يحقق له بعض الراحة النفسية لو لم يشهر معاوية قضية زياد بين جماهير المسلمين في كل اقطارهم مخترقا بذلك قانونا اسلاميا واضحا. و واضعا آل زياد كلهم موضع الهزء و السخرية المعلنة و المكبوتة.

و لعل ابن زياد كان يري - و هو ليس من الاغبياء - في كل نظرة موجهة اليه، سخرية كامنة و ادانة لعمل لم يتركبه هو. و ان جني من وراثة المكاسب و الارباح، و ربما كان يحسد حتي أولئك الذين لم يحصلوا علي ما حصل عليه من جاه و سلطان و ثروة، علي نسبهم الذي لم يكن محل مهمة و نقاش بين الناس.

و لعل أغلب كرهه للحسين عليه السلام خاصة، بعراقة من معرفته بعرافة نسب الامام و طهارة مولده و منزلته الخاصة من رسول الله صلي الله عليه و آله سلم و شهادة القرآن و الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بحقه و بحق آل البيت عموما.

يظهر حقد ابن زياد - و هو من اقطاب النظام الاموي - في الكوفة فيحاول تشويه قضية الامام الحسين عليه السلام و قضية أميرالمؤمنين عليه السلام و قضايا الاسلام عموما، بما ينسجم و رغبات الدولة و نزعتها (للتحرر) من الاسلام، فانه لم يكن من الغباء بحيث أنه لم يكن يعلم من هو الحسين و ما هي منزلته من الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و من المسلمين، كما لم يكن معاوية و زياد من قبل يجهلان ذلك.

الا أنهم تبنوا قضية مزورة مشوهة حملوا فيها أميرالمؤمنين عليه السلام مسؤولية دم عثمان و أعلنوا أنفسهم ولاة للدم، و أهلا للشيخ المقتول، و استدرجوا فئات كبيرة من


الناس كانت مصالحهم تتحد مع مصالحهم، و أعلنوا الحرب علي الاسلام بحجة اعلان الحرب علي أميرالمؤمنين عليه السلام و قد رأينا معاوية كان المسؤول الأول عن قتل عثمان، و مشاركه في المسؤولية نفس أولئك الذين كانوا من أشد المحرضين عليه و الساعين الي قتله.