عزيز بين الأذلاء
و لم يكن لقاء مسلم بابن زياد، مما يمكن أن يسر له هذا الأخير، الذي توقع أن يفد عليه مسلم خائفا ذليلا يطلب الصفح و الرحمة و يتبرأ من ابن عمه عليه السلام، فما حصل هو عكس ذلك تماما.
(أدخل مسلم علي ابن زياد فلم يسلم علي بالأمارة، فقال لها الحرسي: ألا تسلم علي الأمير؟ فقال له: ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه!
فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلن.
قال: كذلك؟ [1] .
قال: فدعني أوصي الي بعض قومي، فنظر الي جلساء عبيدالله و فيهم عمر بن سعد، فقال: يا عمر، ان بيني و بينك قرابة، ولي اليك حاجة، و قد يجب لي عليك
نجح حاجتي، و هو سر، فأبي أن يمكنه من ذكرها، فقال له عبيدالله: لا تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمك). [2] .
و قد أذل مسلم ابن زياد مرتين، مرة عند دخوله و عدم تسليمه علي ابن زياد و هو الذي اعتاد أن ينحني الناس أمامه، و مرة عندما توجه الي ابن سعد طالبا أن يوصيه باعتباره القرشي الوحيد في المجلس، و قد ألغي بذلك دعوي آل زياد بانتمائهم الي ابي سفيان (القرشي) ايضا و كانت عدم شهادة مسلم له بهذا الأصل المفتعل مدعاة لغضبه الشديد و ذله بنفس الوقت، و لعله لم يشأ أن يناقش مسلم هذا الأمر، فتكون صراحة مسلم مدعاة لاذلاله و تذكير الناس بدناءة أصله.
و كان رد فعله علي موقف مسلم الأول هو أن هدده بالقتل.
و علي موقف تجاهل مسلم لأصله المزعوم، السكوت و الاكتفاء بتوجيه الأمر لابن سعد بالاستجابة لطلبه حسما لنقاش محتمل بهذا الشأن.
پاورقي
[1] و قال له: (ان قتلتني فقد قتل من هو شر منک من کان خيرا مني) مقتل الحسين للخوارزمي 211 / 1 و کان قد أجاب الحرسي بقوله: (اسکت ويحک، ما هو لي بأمير فأسلم عليه) الارشاد للمفيد ص 198.
[2] الطبري 291 / 3، و مقاتل الطالبين ص 77، و نهاية الارب لنويري 402 - 20، و ذکر في جواهر المطالب انه قال لعمر بن سعد: (لا أري في المجلس قرشيا غيرک) ص 134.