بازگشت

اغتنام الفرصة قبل أن يصبح الصباح


و نفض ابن زياد الخوف عن نفسه بعدما أيقن بخلاصه من الموت المحقق الذي كان يتعرض له، عندما أوشكت ثورة مسلم أن تنجح لو لم يتخل عنه أصحابه و لم تقتل و تجرح القلة القليلة المتبقية معه.

و استغل تلك اللحظات الحاسمة حالا و قبل أن يسفر الصباح، فقد يعيد مسلم الكرة ثانية و قد يتجمع الناس حوله، و كانت لحظات ثمينة بالنسبة له، و لم يكن ابن زياد من النوع الذي يقنع من الاياب بالسلامة، و كان يري في تصدي مسلم ثم الحسين عليه السلام بعد ذلك لدولة يزيد حربا شخصية له، و كان نجاحهما قضاء محققا عليه شخصيا، و اذا كان يدافع عن مصالحه و حياته، فانه كان يلجأ الي أشد الأساليب دموية و عنفا للتصدي للثورة، و بالشكل الذي كان يراه بعيدا عن كل قيم الاسلام و تعاليمه.

و قد استنفر أعوانه و عرفاءه و شرطه و عيونه و مناكبه و مقاتلته و قال في خطبة من خطبه المهددة المتوعدة التي كان غالبا ما يطالع الناس بها، بعد أن فتش المسجد و لم ير أثرا لأعوان مسلم، و بعد أن أمر مناديه فنادي: (ألا برئت الذمة من رجل من الشرطة و العرفاء أو المناكب أو المقاتلة صلي العتمة الا في المسجد.

فلم يكن الا ساعة حتي امتلأ المسجد من الناس [و قال لحصين بن تميم]: مر حرسي فليقوموا ورائي كما كانوا يقفون، و در فيهم، قال، بعدما بدأ خطبته بشتيمة مسلم.

«انه قد أتي ما قد رأيتم من الخلاف و الشقاق، فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره، و من جاء به فله ديته، الزموا طاعتكم و بيعتكم، و لا تجعلوا علي أنفسكم سبيلا. يا حصين بن تميم [1] ، ثكلتك أمك ان صاح باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل و لم تأتني به، و قد سلطتك علي دور أهل الكوفة، فابعث مراصدة علي أفواه السكك، و أصبح غدا و استبر الدور وجس خلالها، حتي تأتيني بهذا الرجل.


ثم نزل ابن زياد فدخل و قد عقد لعمرو بن حريث راية و أمره علي الناس). [2] .

و كان جماعة من أشراف الكوفة و رؤسائها الموالين له مثل كثير بن شهاب و محمد بن الأشعث قد قبضوا علي جماعة من أعوان مسلم مثل عبد الأعلي الكلبي و عمارة بن صلخب الأزدي و المختار الثقفي و الحارث الأعور الهمداني و الأصبغ بن نباتة و عبدالله بن نوفل بن الحارث و غيرهم. [3] .


پاورقي

[1] کان علي شرطه و هو من بني‏تميم (الطبري 289 / 3).

[2] الطبري 289 - 288 / 3 و راجع المصادر السابقة، و قد ورد في الفتوح 90 / 4 أنه قال: (ان مسلما بن عقيل أتي هذه البلاد، و أظهر العناد، و شق العصا، و قد برئت الذمة من رجل أصبناه في داره، و من جاء به فله ديته، اتقوا الله عباد الله، و الزموا طاعتکم و بيعتکم، و لا تجعلوا علي أنفسکم سبيلا. و من أتاني بمسلم بن عقيل فله عشرة آلاف درهم، و المنزلة الرفيعة من يزيد بن معاوية و له في کل يوم حاجة مقضية).

[3] أنساب الأشراف 314 / 5.