بازگشت

عندما يشهد القاضي زورا شريح مثالا


و قد روي شريح، مشاهد الزور الذي استخدمه ابن زياد لاطفاء غضب مذحج بشهادته الكاذبة امامهم... قال:

(دخلت علي هاني ء، فلما رآني قال: يالله يا للمسلمين! أهلكت عشيرتي، فأين أهل الدين، و أين أهل المصر؟ تفاقدوا، يخلوني، و عدوهم و ابن عدوهم، و الدماء تسيل علي لحيته، اذ سمع الرجة علي باب القصر. و خرجت و أتبعني، فقال: يا شريح، اني لأظنها أصوات مذحج و شيعتي من المسلمين، ان دخل علي عشرة نفر أنقذوني [1] : قال: فخرجت اليهم و معي حميد بن بكير الأحمري - ارسله معي ابن زياد، و كان من شرطه ممن يقوم علي رأسه - و أيم الله لولا مكانه معي لكنت أبلغت أصحابه ما أمرني به؛ فلما خرجت اليهم قلت: ان الأمير لما بلغه مكانكم و مقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول اليه، فأتيته فنظرت اليه، فأمرني أن ألقاكم، و أن أعلمكم أنه حي، و أن الذي بلغكم من قتله، كان باطلا.

فقال عمرو و أصحابه: فأما اذ لم يقتل فالحمدلله؛ ثم انصرفوا). [2] .

شهد شريح علي نفسه بالحق، بعد أن كان قد تقدم بشهادة الباطل لحساب ابن زياد، و ربما كانت شهادته المزورة قد قلبت مجري الحوادث كلها.

و قد تذرع بوجود رقيب عليه من قبل ابن زياد، منعه وجوده من الادلاء بشهادة الحق.

و هو عذر يتقدم به كل متخاذل مصلحي لا يري أمامه الا حياته و مصلحته، و لو كان ذلك علي حساب حياة الآخرين و مصالحهم، و لنلاحظ كلماته.


الأمير. أمرني بالدخول... و أمرني أن ألقاكم و أمرني أن أعلمكم أنه حي و أن الذي بلغكم من قتله كان باطلا فهي شهادة مفصلة حسب رغبة الأمير و لها ما يبررها بنظر شريح مادام الأمير قد أراد ذلك.

ان شهادة شريح الشريف وفقيه الدولة المقرب موضوع لتأمل عميق، فأمثاله لا يهمهم سوي التقرب من الدولة و مجاملتها عسي أن يحضوا بمركز أو ثروة. و اذ يبررون للدولة أعمالها و انحرافها، فانهم بذلك يبررون أعمالهم و سعيهم المحموم وراء مالكي السلطة و المال.

قنعت مذحج بالسلامة، و رجعت بغير زعيمها، و اكتفت بأن تحمد الله علي أنه لم يقتل و ان ظل في سجن ابن زياد، فقد كانت ضعيفة منخاذلة يقودها قادة مهزومين أمثال ابن الحجاج.


پاورقي

[1] وورد أن هانئا قال لشريح الذي کان ينتمي الي احدي بطون کندة «يا شريح اتق الله فانه قاتلي»، تهذيب التهذيب 351 / 2.

[2] المصادر السابقة - و النص عن للطبري 286 / 3، و يراجع ابن‏کثير 157 - 156 / 8 و قد ذکر الطبري في 203 / 6 ان شريح قال لمذحج: (ما هذه الرعة السيئة، الرجل حي، و قد عاتبه سلطانه بضرب لم يبلغ نفسه فانصرفوا و لا تحلوا بأنفسکم و لا بصاحبکم فانصرفوا).