بازگشت

عمرو بن الحجاج يخذل قومه


و لعل مهمة عمرو بن الحجاج كانت أدق من مهمة صاحبيه، فقد كان عليه أن يخذل أصحابه و قبيله عن نصرة هاني ء، ولو أنه كان يريد حقا الانتصار له و اخراجه من سجن ابن زياد لما احتاج حتي الي العدد الكبير الذي جلبه معه، ولكفاه عشرة منهم. علي حد تعبير هاني ء، غير أن مهمته كانت عزل هاني ء و اظهار عمله كأنه تصرف شخصي ينبغي له تحمل نتائجه شخصيا أما قبيلته و قومه، فحسبهم السلامة.

و لم يكن اقدام ابن زياد علي قتله جهارا و في وضح النهار و أمام أنظار قومه و تمثيله بجثته الا دلالة علي تيقنه من تخاذل قومه و انهيارهم و خوفهم، فهو ما كان ليجازف لو أنهم وقفوا وقفة مبدئية صلبة منه و أظهروا نصرتهم له.

و قد أقبل عمرو بن الحجاج في مذحج. قوم هاني ء - و قد بلغهم قتله من قبل ابن زياد، و كان عمرو فيما يبدو مثلهم و الناطق باسمهم، و لعله جاء بضغط منهم، و كانت كلماته اعلان ولاء أكثر مما هي كلمات تهديد لابن زياد.

أعلن عمرو عن هويته و الغرض من مهمته، و بدا كأنه يتحدث عن قوم لا علاقة له بهم و لا ينتمي اليهم:

(أنا عمرو بن الحجاج. هذه فرسان مذحج و وجوهها، لم تخلع طاعة، و لم تفارق جماعة، و قد بلغهم أن صاحبهم يقتل، فأعظموا ذلك؛ فقيل لعبيدالله: هذه مذحج بالباب، فقال لشريح القاضي: ادخل علي صاحبهم فانظر اليه، ثم اخرج فأعلمهم أنه حي لم يقتل، و أنك قد رأيته، فدخل اليه شريح فنظر اليه). [1] .

و يبدو كأن هذا بيان ولاء و طاعة أكثر مما هو بيان استنكار و غضب، و كان رد


فعل ابن زياد البارد يدلل علي استهانته بهم، و كان يبدو أنه قد أعد للأمر عدته و شهوده أيضا.


پاورقي

[1] المصادر السابقة (و النص المذکور مأخوذ عن الطبري).