بازگشت

مسلم بين السرية و العمل العلني في أجواء دولة الظلم


و كان علي مسلم كقائد للمعارضة القائمة ضد الحكم الأموي و ممثل للامام الحسين عليه السلام لدي أهل الكوفة أن لا يدع مركز القيادة مكشوفا أمام عدوه، خصوصا و أن الامام أوصاه بالكتمان ريثما يستكمل عمله و يعد للأمر عدته. و كان مركزه الأول في دار المختار الثقفي قد أصبح عرضة للانظار و ربما استهدفه ابن زياد بعمل عسكري مباشر و استطاع تصفية وجوه المعارضة قبل أن يتم مسلم مهمته.

و هكذا اصبح الانتقال الي مركز آخر بديل، ضروريا بنظره، بل أمرا لا يحتمل التأجيل، خصوصا و أن نشاط ابن زياد لمواجهته كان واضحا و قويا، و كانت تلك خطوة جديرة بأي قائد بارع كمسلم يجد نفسه في ذلك الموقف الدقيق، و لم يكن سبب ذلك هو فشل مسلم في مسعاه و هربه الي مكان آخر كبيت هاني ء أو شريك كما حاول بعض الكتاب تصوير ذلك بعد أن فهموه كذلك و أن مسلم ذهب مستنجدا خائفا


في جنح الظلام، و ان هاني ء كان متذمرا من ايوائه و خائفا مثله ايضا و انه آواه استجابة للنخوة العربية.

فلو كان مسلم في مثل ذلك الموقف الدقيق و رأي أنه معرض للخطر و أن لا أمل باكمال مهمته لكتب الي الامام بذلك و أخبره حالا و لغادر الكوفة، غير أنه كان يبدو من مجريات الأمور - و كما سنري بعون الله - انها كانت تجري لصالحه و لصالح حركته لأخذ البيعة للامام، و ان تغيير مقر قيادته و تحركاته كان من الضرورات التي لابد منها لمنع السلطة من اتخاذ اجراء لمهاجمته أو مراقبته و افشال مخططه، خصوصا و أن ابن زياد كان في حال لا يتورع معها من القيام بذلك.