بازگشت

... مستشار الدولة (الاسلامية) أرأيت معاوية لو نشر لك، أكنت آخذا برأيه


و قد قلق يزيد لتطورات الأمور في الكوفة و اتخاذها مجري مؤيدا للامام عليه السلام و رأي احتمال الثورة المسلحة عليه قائما لا في الكوفة وحدها و انما في أماكن أخري من مملكته اذا ما نهض الثوار علي أقدامهم في الكوفة، و قد استدعي سرجون الرومي مولي أبيه معاوية الذي كان من نصاري الشام و الذي (استخدمه معاوية في مصالح الدولة، و كان أبوه منصور علي المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح) [1] : و الذي كان بلا شك يضمر العداوة و الكره للاسلام وقادته الحقيقيين، و ربما كان له دور تحريضي علي الحسين عليه السلام.

و قد سارع سرجون عندما أطلعه يزيد علي وضع الكوفة قائلا له: (ما رأيك؟ فان حسينا قد توجه نحو الكوفة، و مسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحسين، و قد بلغني عن النعمان ضعف و قول سي ء - و اقرأه كتبهم - فما تري؟ من استعمل علي الكوفة؟) [2] سارع الي الاشارة علي يزيد بعزل النعمان و تنصيب عبيدالله بن زياد مكانه، و قال له:

(رأيت معاوية لو نشر لك، أكنت آخذا برأيه؟ قال: نعم؛ فأخرج عهد عبيدالله علي الكوفة، فقال: هذا رأي معاوية، مات و قد أمر بهذا الكتاب). [3] .

و يدل قوله هذا علي أن معاوية كان يتوقع ثورة ضد يزيد، فقد كان أعلم الناس بعيوبه و عدم صلاحيته لخلافته، و قد أراد أن يدعم عرشه بولاة قساة يرتبط مصيرهم بمصيره من أمثال عبيدالله بن زياد، و قد حسب معاوية حساب هذا الأمر المتوقع منذ البداية و أعد له عدته، فربما كان يزيد علي صلات سيئة ببعض من قد يستفيد منهم، و ربما منعه ذلك من تقريبهم أو استعمالهم ولاة علي الأمصار التي يحكمها، و كان غاضبا علي ابن زياد فعلا، و ربما كان موقف زياد منه عندما أشار علي معاوية أن يتريث في تعيينه خلفا له، السبب الأول لذلك. [4] .


و قد سارع يزيد للاستجابة لوصية والده عندما وجود فيها الحل المناسب لمشكلته خصوصا و أن سرجون الرومي مستشار والده قد دعاه لتولية ابن زياد الرومي الأصل ايضا، اذ أن ابن زياد قد استشهر بقسوته و استهتاره و ربما فاق في ذلك أباه، و ربما كانت سمعته في هذا المجال قد سبقته الي الكوفة و اشتهر بذلك فيها.

و دعا يزيد (مسلم بن عمرو الباهلي - فبعثه الي عبيدالله بعهده الي البصرة [5] و كتب اليه معه: أما بعد فان كتب الي شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشق عصا المسلمين، فسر حين تقرأ كتابي هذا، حتي تأتي أهل الكوفة فتطلب ابن عقيل حتي تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه). [6] .

و أسرع مسلم بن عمرو الباهلي، الذي كان له دور واضح بعد ذلك في التحريض علي مسلم و القضاء علي دعوته، بحمل الرسالة الي ابن زياد في البصرة، ثم رافقه بعد ذلك الي الكوفة مع مجموعة من شيوخ البصرة و أشرافها بلغوا خمسمائة كما ذكر بعض المؤرخين. [7] .


پاورقي

[1] محمد کرد علي، الاسلام و الحضارة العربية ج 158 - 2.

[2] الطبري 280 / 3، و ابن‏الأير 268 / 3.

[3] نفس المصدرين السابقين و العقد الفريد 119 / 5.

[4] ذکر الطبري أن يزيدا کان عاتبا علي عبيدالله بن زياد 280 / 3 کما ذکر ذلک ابن‏کثير، البداية و النهاية 152 / 8.

[5] لعله يقصد الي الکوفة، لأنه کان واليا علي البصرة فعلا.

[6] الطبري 280 / 3، و ابن‏کثير 152 / 8، و روي عن ابن‏شهر اشوب في المناقب ط قم (ج 91 - 4) و الخوارزمي في مقتل الحسين ج 1 ف 10 ان يزيد کتب الي ابن‏زياد (و قد ابتلي بالحسين زمانک من بين الأزمان، و ابتلي به بلدک من بين البلدان، و ابتليت به من بين العمال، و في هذه تعتق أو تکون عبدا کما تعبد العبيد. و قد اخبرني شيعتي من أهل الکوفة أن مسلم بن عقيل بالکوفة يجمع الجموع و يشق عصا المسلمين، و قد اجتمع اليه خلق کثير من شيعة ابي‏تراب. فاذا أتاک کتابي هذا فسر حين تقرأه حتي تقدم الکوفة فتکفيني أمرها، فقد ضممتها اليک، و جعلتها زيادة في عملک، و انظر أن تطلب مسلم بن عقيل کطلب الحرد، فاذا ظفرت به فخذ بيعته أو اقتله ان لم يبايع، و اعلم أنه لا عذر لک عندي، و ما أمرتک به، فالعجل العجل، و الوحي الوحي).

[7] الطبري 281 / 2، و نهاية الارب - النويري، 389، 20 ط القاهرة.