الرائد لا يكذب أهله... الناس كلهم معك
و قد اختلف المؤرخون حول عدد الذين بايعوا مسلم للامام الحسين عليه السلام، فذكر أغلبهم أنهم كانوا ثمانية عشر ألفا [1] ، و ذكر غيرهم أنهم كانوا ثلاثين ألفا [2] ، و أنهم كانوا أربعين ألفا [3] ، أو ثمانية و عشرين ألفا [4] ، أو اثني عشر ألفا [5] ... الخ.
و هي أعداد تبدو كبيرة و لعل أقلها يشكل جيشا قوي الشكيمة لو أنهم استمروا علي مواقفهم خلف مسلم، و لا شك أن أيا منهم لم يكن العدد النهائي و أن الناس كانت مستمرة علي المبايعة في تلك الفترة القياسية القصيرة، و أن معني استمرارها بذلك الشكل و عدم وجود معارضة حقيقية من عامل يزيد و أعوانه بوجهها يدل علي نجاح مسعي مسلم لأبعد حد، و قد شجع ذلك مسلم علي الكتابة الي الامام و دعوته للقدوم الي الكوفة، فلم تكن هناك أية مصاعب قائمة، بل كان هناك. كما يبدو اجماع علي الاستجابة للحسين عليه السلام و الوقوف معه في أي مسعي يقوم به لتقويض الدولة الأموية و الاطاحة بها، و يبدو أن أهل الكوفة كانوا يعيشون حياة احتفالية سعيدة
يتباشرون فيها بقدوم الحسين عليه السلام لاعادة دولة الحق الأولي التي أرسي دعائمها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منذ البداية، و عاش أهل الكوفة في ظلها في عهد أخيه و ابن عمه أميرالمومنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد ذلك، و قد جاء في رسالة مسلم الي الامام عليه السلام:
(أما بعد، فان الرائد لا يكذب أهله، و قد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا، فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي، فان الناس كلهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي و لا هوي، و السلام). [6] .
و قد أرسل هذه الرسالة الي الامام عليه السلام مع عابس بن ابي شبيب الشاكري و ذلك قبل انقلاب أهل الكوفة عليه و استشهاده بعشرين يوما [7] و قيل قبل استشهاده بسبع و عشرين ليلة. [8] .
پاورقي
[1] الارشاد، 205 و تذکرة الخواص 241، و الطبري 290 / 3 و ذکر رسالة مسلم الي الامام عليهالسلام و فيها (و قد بايعني من أهل الکوفة ثمانية عشر ألفا فعجل الاقبال حين يأتيک کتابي).
[2] حياة الامام الحسين / القرشي 347 - 2 عن حقائق الاخبار و روضة الأعيان و مناقب الامام علي ص 33، الذي جاء فيه أن النعمان کان من جملة المبايعين و أنه قال (يا أهل الکوفة ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من ابن بنت بجدل) و العقد الفريد 119 / 5.
[3] المصدر السابق عن مثير الأحزان لابن نما و شرح شافية ابيفراس 90 / 1 (مخطوط).
[4] تاريخ ابيالفداء 300 - 1.
[5] مروج الذهب 4 / 3 و تهذيب التهذيب 350 / 2، الاصابة 332 / 1 و الحدائق الوردية 117 / 1.
[6] الطبري 290 / 3.
[7] أنساب الأشراف ق 1، ج 1.
[8] و في أنساب الأشراف 167 / 3 (لعل مقتله ببضع و عشرين ليلة) و راجع الطبري.