بازگشت

الخلافة الاسلامية عقد بين طرفين ينفسخ اذا ما أخل الخليفة بشروطه


و عندما نتعامل مع مسألة الخلافة في الارض، و استخلاف الانسان علي الطبيعة و علي أخيه الانسان من وجهة نظر اسلامية و تصور اسلامي، فان ذلك يعني اذا ما أقمنا كيانا متكاملا علي هذا الأساس، فان أي اخلال به سيعني رفض هذا التصور القائم علي عقد مع المستخلف، و هو الله سبحانه و تعالي.

ان هذا الرفض يبرر قيام الأطراف الأخري بفسح العقد باعتبار أن طرفا منها قد أخل به، و هو أحد الأطراف الفاعلة ذات ارادة و حرية، كما أنه يشكل ركنا مهما من أركان هذه المعادلة لضمان قيامها و تفاعل عناصرها بشكل صحيح، و هو المستخلف في حالتنا هذه.

فنحن في الاسلام لا نبني مسألة الحكم علي تصورات جاهلية قائمة أو مستحدثة، و انما نبنيها علي اساس الصغية الرباعية التي تحدثنا عنها في الفصل الاول من هذه الدراسة، و الا لما عادت الصيغة صيغة الاسلامية، و اعتبرت ملغية منذ البداية.


و اذا ما سيقت الأمة كلها لقبول عقد لا يعتمد هذه الصيغة، و جرت الي تبنيها و قبولها بمختلف الوسائل و الأساليب المتاحة التي تملكها قوي متسلطة أو متنفذة، أو اطراف مؤثرة، فان مسؤولية ذلك تقع علي الجميع لا علي قوة التسلط وحدها. و يتحمل من يملكون علما و وعيا و شعورا استثنائيا بالمسؤولية، مسؤوليات اضافية، اذ ينبغي أن يكون هؤلاء في مقدمة الذين يتصدون لأي انحراف أو خرق لقوانين الاسلام، و في مقدمتها مسألة الحكم القائمة علي عقد يتقيد بموجبه الطرف (المؤهل) و القائم بعملية الاستخلاف، (كخليفة أو امام أو أميرللمؤمنين) أو قائد للمسلمين، بالسير وفق ما توجبه عليه الأحكام و التشريعات و القوانين الاسلامية.

و سيكون هؤلاء محط أنظار الأمة التي ستراقبهم لتر كيف ستكون تصرفاتهم أو ردود فعلهم المتوقعة بلا شك، و هو رفض الخطأ و الانحراف و سيكونون بقعودهم و عدم ابدائهم اي فعل رافض قد وقفوا بصف اولئك الذين يقومون بالخرق و الانحراف. و لم يكن الامام الحسين عليه السلام، الذي كان ينبغي ان يكون هو الطرف المستخلف و القائم الفعلي و المؤهل الوحيد لامامة و خلافة الأمة، ممن تجهل الأمة مركزه و دوره في هذه الصيغة التي كان ينبغي أن تكون قائمة، و المنتهكة بارادة شخصية من معاوية و هوي شخصي منه.

و كان عليه، باعتباره اول المعنيين المسؤولين، أن يعيد الأمور الي نصابها الصحيح، و يقوم بكامل مسؤوليته أمام الأمة، و يثبت حقه و يطالب به أمامها، و لا يتنازل أمام وطأة الشده أو الاغراء الامويين، و بمطالبته بحقه لا يكون قد طالب بشي ء شخصي، و انما بحق عام للأمة.

أن كونه مسؤولا و مكلفا بحمل هذه المسؤولية الخاصة، يلقي عليه عب ء المطالبة بها قبل غيره، خصوصا و انه يملك امكانية فهم و استيعاب الاسلام بشكل دقيق، و فهم أبعاد معادلة الاستخلاف التي لو أتيح له أن يكون أحد أطرافها كخليفة و أمام مسؤول، لكان قد جعلها تسير بشكل صحيح و بارادة انسانية واعية و متفاعلة، تنسجم و تستجيب بشكل تام للارادة الالهية المطلقة. و حتي لو لم يكن هو المعني بهذه المسؤولية الخاصة و هذا مجرد فرض لا غير لكان عليه أن يستجيب استجابة واعية لمن يحاول رد الأمور الي نصابها الصحيح، و يسير خلف من يتحمل المسؤولية الحقيقية، كما فعل أصحابه معه، حينما اندفعوا خلفه، رغم عدم تمتعهم بنفس القدر من الشعور بالمسؤولية الذي تمتع به هو، و حاربوا تحت لوائه، و ذهبوا الي حد


الاستشهاد معه في معركة الطف، و كما فعل هو من قبل باستجابته التامة لوالده أميرالمؤمنين و اخيه الحسن عليه السلام، عندما رأي ان الموقف المناسب الذي أخذاه في تصدي الأول لمعاوية للاسباب التي عرفناها، و مهادنة الثاني له للاسباب التي ذكرناها أيضا، مما كان من شأنه أن يعود علي الاسلام بنفع كبير، و أن عاد عليهما شخصيا كما كان يبدو من ظاهر الامر بضرر ملحوظ.