بازگشت

الاعتراضات التي و اجهت الحسين بالخروج الي العراق


لقد روت لنا كتب التاريخ اعتراضات العديدين علي مسيرة الامام الحسين عليه السلام الي العراق، و لم ترد هذه اعتراضات من قبل اناس عاديين، و انما من قبل اناس ذوي مستوي رفيع مثل محمد بن الحنفية و ابن عباس و غيرهما، و قد بني بعض المحدثين اعتراضات مشابهة لتلك الاولي، و اخذوا علي الحسين خروجه الي العراق. و اعتبر بعضهم كما رأينا ان الحسين عليه السلام مادام (لم ينجع بمهمته) بالقضاء علي يزيد، و لم تحدد مقاييس النجاح هنا الا بالمفاهيم الغريبة عن الاسلام، ربما ارادوا انه مادام لم يقم بازاحة يزيد عن السلطة حالا، و قد قتل نتيجة مسيرة الي العراق، فان نهمته فاشلة،و ما كان ينبغي له علي الاطلاق القيام بها، و ان الامر الصحيح الذي كان بنبغي له القيام به بنظرهم هو مبايعة يريد، أو الهرب الي مكان ناء، علي اقل الاحتمالات الخ.

و لو ان هذه الاعتراضات صدرت عن اناس عاديين غير مؤثرين علي جماهير كبيرة من المتعلمين و المثقفين لهان الامر، غير انها عندما تصدر عن اناس مسموعي الكلمة، و لهم قراء عديدون في ارجاء العالم، فان هذا التصور الخاطي ء و الفهم الخاطي ء لنهضة الحسين يعكسان مغالطة كبيرة في اذهان المسلمين، و يعملان علي تضليلهم، و تشتيت شملهم بالتالي، و لذلك فانه ينبغي ان يصححا ليعرف هؤلاء المعني الحقيقي للفشل و النجاح في تصور الاسلام، و يعرفون حقيقة انتصار الحسين عليه السلام في نهضته الكبيرة.

و بعد ان استعرضنا اراء بعض المحدثين، لابد لنا من الاستماع الي من اعترض علي خروج الامام عليه السلام الي العراق، و (نصحه) بتجنب ذلك، و هي (النصائح) التي بني علي اساسها المعترضون الجدد آراءهم و افكارهم الخاطئة. قال له محمد بن الحنفية في المدينة:

(تنح بتبعتك عن يزيد بن معاوية و عن الامصار ما استطعت...) [1] .

و قال له، عندما لحقه الي مكة و قد بلغه عزمه الي المسير الي العراق:


(فان رأيت ان تقيم، فانك أعز من في الحرم و امنعه). [2] .

و قال له عبدالله بن مطيع و هو في طريقه من المدينة الي مكة:

(فاياك أن تقرب الكوفة فانها بلدة مشؤومة، بها قتل ابوك و خذل اخوك، الزم الحرم...). [3] .

و قال له ثانية بعد خروجه من مكة:

(فوالله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك، فلا تفعل و لا تأت الكوفة، و لا تعرض نفسك لبني امية). [4] .

و قال له عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هاشم المخزومي و هو بمكة:

(لا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره، و من انت احب اليه ممن يقاتلك معه). [5] .

و قال له عبدالله بن العباس لما عزم علي المسير من مكة الي الكوفة:

(لا آمن عليك ان يغروك و يكذبوك و يخالفون و يخذلوك، و ان يستنفروا اليك فيكرنوا اشد الناس عليك). [6] .

و قال له ثانية قبيل خروج من مكة:


(ان أهل العراق قوم غدر فلا يتقربنهم، أقم بهذا البلد، و ان ابيت الا ان تخرج فسر الي اليمن فان بها حصونا و شعابا). [7] .

و قال له الفرزدق و هو في طريقه من مكة الي العراق:

(قلوب الناس معك و سيوفهم مع بني امية). [8] .

و كتب اليه عبدالله بن جعفر بن ابي طالب:

(فاني مشفق عليك من الوجه الذي توجه له ان يكون فيه هلاكك و استئصال أهل بيتك). [9] .

و كتب اليه عمرو بن سعيد عامل يزيد علي مكة بعد خروجه الي العراق:

(بلغني انك توجهت الي العراق فاني أخاف عليك ما فيه الهلاك). [10] .

و قال له عبد الله بن سليم، و المذري بن المشمعل الاسديان (ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا، فانه ليس لك بالكوفة ناصر و لا شيعة، بل نتخوف ان تكون عليك). [11] .

و عندما نزل بطن العقبة قال له رجل من العرب:

(انشدك الله لما انصرفت، فو الله ما تقدم الي علي الاسنة وحد السيوف، ان


هؤلاء الذين بعثوا اليك، لو كانوا كفوك مؤونة القتال و وطأوا لك الاشياء فقدمت عليهم لكان ذلك رايا، فاما علي هذه الحال التي تذكرها فلا اري لك ان تفعل). [12] .

و قال له عبدالله بن عمر:

(... فارجع، فانت تعرف غدر أهل العراق و ما كان يلقي ابوك منهم...، فأبي فاعتنقه و قال: استودعك الله من قتيل). [13] .

و قال له ايضا:

(اباعبدالله رحمك الله اتق الله الذي اليه معادك، فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت يعني بني امية لكم، و قد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية، و لست آمن ان يميل الناس اليه لمكان هذه الصفراء و البيضاء فيقتلونك...،

و انا اشير عليك ان تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، و اصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعل الله ان يحكم بينك و بين القوم الظالمين...،

و ارجع من هنا الي المدينة، و ادخل في صلح القوم، و لا تغب عن وطنك، و حرم جدك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم علي نفسك حجة و سبيلا، و ان احببت أن لا تبايع، فانت متروك حتي تري رأيك، و ان لم تحب ان تبايع فلا تبايع ابدا و اقعد في منزلك). [14] .

و قال له عمر الاطرف اخوه و هو شقيق العباس الاصغر، و امهما الصهباء من بني تغلب:

(جعلت فداك فلولا ناوأت و بايعت). [15] .


و كتب اليه المسور بن مخرمة القرشي كتابا من المدينة جاء فيه:

(اياك ان تغتر بكتب أهل العراق و يقول لك ابن الزبير: الحق بهم، فانهم ناصروك. اياك ان تبرح الحرم، فان أهل العراق ان كانت لهم بك حاجة فسيضربون آباط الا بك حتي يوافوك، فتخرج اليهم في قوة وعدة). [16] .

و كتبت اليه عمرة بنت عبد الرحمن (تعظم ما يريد ان يصنع و تأمره بالطاعة و لزوم الجماعة، و تخبره انه ان لم يفعل انما يساق الي مصرعه، و تقول اشهد لسمعت عائشة تقول:

انا سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «يقتل الحسين بأرض بابل»). [17] .

و قال له الحر:

(ان اذكرك الله في نفسك، فاني اشهد لئن قاتلت لتقتلن، فلئن قوتلت لتهلكن فيما اري). [18] .

و قال له مجمع بن عبدالله العامري بينما كان يساير الحر:

(... اما اشراف الناس فقد اعظمت رشوتهم و ملئت غرائرهم فهم الب واحد عليك، و اما سائر الناس بعدهم فان قلوبهم تهوي اليك و سيوفهم غدا مشهورة عليك). [19] .

و قال ابوواقد الليثي:

(بلغني خروج الحسين بن علي فادركته فناشدثه بالله ان لا يخرج في غير وجه خروج، انما خرج ليقتل نفسه. فقال: لا ارجع). [20] .

(و لما استشعر الناس خروجه، اشفقوا عليه من ذلك، و حذروه منه و اشار عليه


ذوو الرأي منهم و المحبة له بعدم الخروج الي العراق، و امروه بالمقام في مكة، و ذكروه ماجري لابيه و اخيه معهم). [21] .


پاورقي

[1] ابن‏کثير 166 / 8 و الطبري 190 / 6.

[2] تاريخ الاسلام للذهبي ج 1 ص 342.

[3] الطبري 196 / 6.

[4] الطبري 396 / 5 ط دار المعارف، و ابن‏الاثير 277 / 3، و وسيلة المآل 189، و الارشاد للمفيد 203، و نهاية الارب للنويري ط القاهرة 414 / 20، و روي ابن‏عبد ربه في العقد الفريد انه قال له:(الا تفعل يا اباعبدالله، فوالله ما حفظوا اباک و کان خيرا منک فکيف يحفظونک؟) 118 / 5.

[5] الطبري 216 / 6، و ابن‏الاثير 399 / 3، و مروج الذهب 170 / 3 و ابن‏کثير 165 / 8، و جمهرة خطب العرب 37 / 2. و قد ورد النص بشکل آخر هو: (اني مشفق عليک من مسيرک، انک تأتي بلدا فيه عماله و امراؤه، و معهم بيوت الاموال، و انما الناس عبيد الدنيار و الدرهم، فلا آمن عليک ان يقاتلک من وعدک نصره، و من انت احب اليه ممن يقاتلک معه).

[6] الطبري 216 / 6 و ابن‏الاثير 400 / 3، و ابن‏کثير 166 / 165 / 8.

[7] الطبري 217 / 6، و مروج الذهب 68 / 3، و وردت هذه النصيحة في بعض المصادر علي الشکل التالي (فان ابيت الا ان تخرج، فوالي اليمن فان بها حصونا و شعابا، و هي ارض عريضة طويلة، و لا بيک بها شيعة فتکتب الي الناس، و تبث دعاتک فاني لارجو ان ياتيک عند ذلک الذي تحب في عافية) ابن‏الاثير 276 / 3، و جمهرة خطب العرب 36 / 2، و تاريخ الخلفاء للسيوطي 207.

[8] الطبري 1218 / 6 و ابن‏کثير 169 / 8، و العقد الفريد 126 / 5.

[9] نفس المصادر السابقة.

[10] نفس المصادر السابقة و قد سرح عمرو بن سعيد رسالته الي الحسين عليه‏السلام مع اخيه يحيي و عبدالله بن جعفر و قد جاء فيه: (بلغني انک توجهت الي العراق، و اني اعيذک من الشقاق، فاني اخاف عليک فيه الهلاک، و قد بعثت اليک عبدالله بن جعفر و يحيي بن سعيد فاقبل الي معهما، فان لک عندنا الامان و الصلة و البر و حسن الجوار) کما يراجع سير اعلام النبلاء 1242 / 2 و مقتل الخوارزمي ج 1 ف 10، و نهاية الارب في فنون الادب للنويري / ط القاهرة 412 / 411 / 20.

[11] نفس المصادر السابقة و قد سرح عمرو بن سعيد رسالته الي الحسين عليه‏السلام مع اخيه يحيي و عبدالله بن جعفر و قد جاء فيه: (بلغني انک توجهت الي العراق، و اني اعيذک من الشقاق، فاني اخاف عليک فيه الهلاک، و قد بعثت اليک عبدالله بن جعفر و يحيي بن سعيد فاقبل الي معهما، فان لک عندنا الامان و الصلة و البر و حسن الجوار) کما يراجع سير اعلام النبلاء 1242 / 2 و مقتل الخوارزمي ج 1 ف 10، و نهاية الارب في فنون الادب للنويري / ط القاهرة 412 / 411 / 20.

[12] ابن‏الاثير 404 / 3 و ابن‏کثير 173 / 8.

[13] المصدر السابق.

[14] حياة الامام الحسين بن علي، القرشي 320 / 318 / 2، نقلا عن الفتوح 42 / 38 / 5.

[15] المصدر السابق ص 12.

[16] ريحانة الرسول / عن تاريخ دمشق لابن‏عساکر، ص 202، و ابن‏کثير 165 / 8.

[17] ابن‏کثير 165 / 8.

[18] الطبري 370 / 3، و ابن‏الاثير 409 / 3. و ابن‏کثير 175 / 8.

[19] ابن‏الاثير 409 / 3، و روي الطبري انه قال له: (اما اشراف الناس فقد اعظمت رشوتهم و ملئت غرائزهم يستمال ودهم و يستخلص به نصيحتهم فهم الب واحد عليک، الخ) الطبري 308 / 3، و انساب الاشراف ق 1 ج 9 ص 241.

[20] ابن‏کثير 165 / 8، و ابوواقد الليثي من صنائع بني‏امية تاريخ ابن‏عساکر 69 / 13.

[21] المصدر السابق 161 / 8.