بازگشت

رسل و رسائل أهل الكوفة تتري علي الحسين


و يستطرد محمد بن بشر الهمداني : ثم سرحنا بالكتاب مع عبدالله بن سبع الهمداني و عبدالله بن وال، و امرناهما بالنجاء، فخرج الرجلان مسرعين حتي قدما علي حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة، ثم لبثنا يومين، ثم سرحنا اليه قيس بن مسهر الصيداوي و عبد الرحمن بن عبدالله بن الكون الارجحي، و عمارة بن عبيد السلولي، فحملوا معهم نحوا من ثلاث و خمسين صحيفة، الصحيفة من الرجل و الاثنين و الاربعة.

قال: ثم لبثنا يومين آخرين، ثم سرحنا اليه هاني ء بن هاني السبيعي و سعيد بن عبدالله الحنفي، و كتبنا معهما:

بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين و المسلمين. أما بعد: فحيهلا، فان الناس ينتظرونك، و لا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل و السلام عليك). [1] .

ان حماس بعض الرسل و صدقهم (استشهد بعضهم مع الحسين) ربما اعطي الانطباع لمن حضروا اجتماعهم مع الامام عليه السلام بصدق توجه أهل الكوفة و عزمهم علي المضي مع الامام عليه السلام الي النهاية، و ذلك ما يلقي عليه المزيد من المسؤولية بنظرهم بضرورة الاستجابة لكتب أهل الكوفة المتواترة و الكثيرة، و هو ما قد رآه في


النهاية، عندما اكد له مبعوثه اليهم فيما بد مسلم بن عقيل و هو ممن كان يعتمد عليهم، و كان اهلا لثقته، كما سنري بشكل مؤكد، ان أهل الكوفة كانوا مزمعين حقا علي نصرة قضيته بمواجهة الحكم الاموي المنحرف.

(و توافدت عليه بعد ذلك كتب اهل الكوفة، و تكاثرت،حتي ورد عليه في يوم - واحد - ستمائة كتاب)، و اجتماع عنده في نوب متفرقة (اثنا عشر الف كتاب)، و هو مع ذلك يتأني و لا يجيبهم). [2] .

و قد وردت الرسالة السابقه التي بعثها اهل الكوفة مع هاني ء بن هاني السبيعي و سعيد بن عبدالله الحنفي بصيغة اخري، ذكرتها بعض المصادر، و ذكرت فيها انهما قالا للحسين عليه السلام ان من جملة الموقعين علي هذا الكتاب، أو من اجتمعوا أو وافقوا عليه هم شبث بن ربعي، و حجار بن ابجر، و يزيد بن الحارث، و يزيد بن رويم، و عروة بن قيس و عمرو بن الحجاج و محمد بن عطارد، و هم من زعماء الكوفة و اشرافها، و قد لعب بعضهم دورا كبيرا في حربه بعد ذلك، و انكروا الرسالة التي و جهوها اليه، و التي جاء فيها:

(بسم الله الرحمن الرحيم، الي الحسين بن علي من شيعته و شيعة ابيه أميرالمؤمنين.

اما بعد: فان الناس ينتظرونك و لا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل يا ابن رسول الله فقد اخضر الجناب، و اينعت الثمار، و اعشبت الارض، و اورقت الاشجار، فاقدم اذا شئت فانما تقدم علي جند لك مجند، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و علي ابيك من قبل. فقال الحسين لهاني و سعيد: من اجتمع علي هذا الكتاب؟ فقالا يا ابن رسول الله، اجتمع عليه شبث بن ربعي، و حجار بن ابجر، و يزيد بن الحارث، و يزيد بن رويم، و عروة بن قيس، و عمرو بن الحجاج و محمد بن عطارد). [3] .

غير ان الطبري ذكر في تاريخه 278 / 3 ان (شبث بن ربعي و حجاز بن ابجر و يزدي بن الحارث و يزيد بن رويم و عزرة بن قيس و عمرو بن الحجاج الزبيدي و محمد


بن عمير التميمي... (كتبوا اليه): اما بعد، فقد اخضر الجناب، و اينعت الثمار و طمت الجمام، فاذا شئت فأقدم علي جند لك مجند). [4] .

و يدل اختلاف بعض النصوص ربما علي كثرة الرسائل التي ارسلت مع الرسولين الاخيرين، فالتبس الامر علي البعض فذكروها علي تلك الاشكال المختلفة، و مهما يكن فان الثابت ان شبث بن ربعي و جماعته قد ادلوا بدلوهم و شاركوا أهل الكوفة دعوتهم الحسين عليه السلام للقدوم اليها.

و قد ذكر ان

(من بين تلك الرسائل «انا قد حبسنا انفسنا عليك، و لسنا نحضر الصلاة مع الولاة فاقدم علينا،فنحن في مائة الف سيف، فقد فشا فينا الجور و عمل فينا بغير كتاب الله و سنة نبيه، و نرجو ان يجمعنا الله بك علي الحق، و ينفي عنا بك الظلم، فأنت الحق بهذا الامر من يزيد و ابيه الذي غصب الامة، و شرب الخمور و لعب بالقرود و الطنابير و تلاعب بالدين»). [5] .

و جاء في رسائل متفرقة اخري:

(«... اما بعد فان الناس ينتظرونك و لا رأي لهم في غيرك، العجل العجل يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، لعل الله ان يجمعنا بك علي الحق و يؤيد بك المسلمين و الاسلام».

«انا معك و معنا مائة الف سيف» «عج القدوم يابن رسول الله، فان لك بالكوفة مائة الف سيف فلا تتأخر» و قد تتابعت عليه الرسائل ما ملأ منها خرجين، ووردت اليه قائمة فيها مائة و اربعون الف اسم يعربون عن نصرتهم له حالما يصل الي الكوفة). [6] .

و مهما يكن، و مهما يقال عن احتمال المبالغة في كثرة عدد الاسماء الموقعة


علي بعض الرسائل، فان زخمها و عددها و ورودها في فترة قصيرة بعد وصوله الي مكة، و تتابعها و مضمونها الواحد تقريبا، و الذي وجهت فيه الدعوة للقدوم باسرع وقت، يؤكد علي ان أهل الكوفة كانوا جادين في طلبهم، خصوصا و ان بوادر الثورة كانت تلوح في المدينة و مكة و البصرة.

فقد ذكر الطبري عن ابي المخارق الراسبي قال:

(اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبد القيس يقال لها مارية ابنة سعد أو منقذ اياما و كانت تتشيع، و كان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه...) [7] .

و قد عزم كثيرون كما ذكرنا و كما فصلت بعض كتب التاريخ ذلك علي الخروج مع الامام عليه السلام، و قاموا بحملة لتحشيد أهل البصرة خلفه، الا ان حركة ابن زياد السريعة و المحمومة لمحاصرته عليه السلام، و شن الحرب عليه و قتله مع اصحابه عليهم السلام في كربلاء، فوتت عليهم فرصة اللحاق به ولم تكن حركتهم غير المنظمة بمستوي سعي الدولة المنظم و المدعم بالقوة و النفوذ للقضاء علي الثورة،و هكذا لم يتسن الا لافراد معدودين فرصة اللحاق به و الاستشهاد معه.

لقد كانت هذه التحركات تشكل خطرا حقيقيا علي الدولة، و تلقي علي الامام مسؤولية تاريخية بالاستجابة لمطلب الأمة، الذي افصح عنه أهل الكوفة، و ان تراجعوا عنه فيما بعد كما سنذكر بعون الله امام الارهاب الاموي و انتهازية الوجهاء و الاشراف الذين لا يرون الا مصالحهم و مراكزهم و نفوذهم، و يجعل من العسير عليه غض النظر عنه، اذ ربما يحمل وحده مسؤولية التراجع و خذلان الامة في النهاية.

هذا هو مجمل فحوي رسائل أهل الكوفة الي الحسين عليه السلام، و فدت به رسلهم اليه، و قد اوضحوا له حالهم بعد وفاة معاوية، و استعدادهم للمضي معه للقضاء علي دولة يزيد، و ألحوا عليه بالقدوم السريع.

و كانت الرسالة الاولي كما ذكر المؤرخون لعشر مضين من شهر رمضان، و قد تتابعت الرسائل خلال ايام قصيرة، وكان مسيره اليهم لثمان مضين من ذي الحجة، اي انه انتظر حوالي شهرين، ارسل فيهما و في بدايتهما ابن عمه مسلم بن عقيل لاستطلاع اوضاعهم و تنظيم صفوفهم، ريثما يتم اعدادهم لاستقباله، لكي ينجز مهمته الكبيرة،


و كان هذا ما وجب عليه القيام به أمام الحاحهم الكبير عليه و تعاقب رسائلهم و رسلهم.


پاورقي

[1] مقتل الحسين، السيد محمد تقي آل بحر العلوم نقلا عن اللهوف لابن‏طاوس ص 15.

[2] اللهوف،ابن‏طاووس، 16 / 15.

[3] و قد اورد ابن‏کثير في البداية و النهاية 204 / 8 ان (اکثرهم کانوا قد کاتبوه ليتوصلوا الي اغراضهم و مقاصدهم الفاسدة).

[4] الطبري 221 / 6، و حياة الامام الحسين للقرشي، نقلا عن تذکرة الخواص ص (248)، و الصراط السوي في مناقب آل النبي، للسيد محمود القادري من مصورات مکتبة الامام أميرالمؤمنين عليه‏السلام و رواه المسعودي بصورة موجزة في مروج الذهب 3 / 4، و وسيلة المآل ص 185، و الفصول المهمة لابن‏الصباغ ص 17، و انساب الاشراف ق 1 ج 1، و بحار الانوار 180 / 10، و اللهوف ص 19.

[5] الطبري 221 / 6، و حياة الامام الحسين للقرشي، نقلا عن تذکرة الخواص ص (248)، و الصراط السوي في مناقب آل النبي، للسيد محمود القادري من مصورات مکتبة الامام أميرالمؤمنين عليه‏السلام و رواه المسعودي بصورة موجزة في مروج الذهب 3 / 4، و وسيلة المآل ص 185، و الفصول المهمة لابن الصباغ ص 17، و انساب الاشراف ق 1 ج 1، و بحار الانوار 180 / 10، و اللهوف ص 19.

[6] الطبري 278 / 3.

[7] الفتوح 42 / 5.