بازگشت

سبب الثورة الحسينية هو عدم تبصر الحسين


و يطالعنا كاتب آخر له سمعته و قراؤه العديدون في لعالم العربي، برأي اراد له ان يتبني من قبل قرائه هؤلاء، فيبدو لنا في مظهر العاقل الحصيف الذي لا تهمه سوي وحدة المسلمين و مصلحتهم، فطلع بتحليل غريب و نقد أغرب منه، آخذا علي الثورة


عدم قدرتها علي ازاحة يزيد حالا، و لعلها لو نجحت بالمقاييس العسكرية المألوفة، لما كان له عليها اي مأخذ، و لا ختفي النقد و التجريح كله، و لم تعد للنظرة القاصرة الضيقة تأثيرها الذي حاول ان يبثه هذا الكاتب الخطير.

يقول الشيخ محمد الخضري في كتابه (تاريخ الشعوب الاسلامية) 517 / 1: (بذلك الشكل المحزن، انتهت هذه الحادثه التي اثارها عدم الاناة و التبصر في العواقب، فان الحسين بن علي رمي بقول مشيريه جميعا عرض الحائط، و ظن بأهل العراق خيرا، و هم أصحاب أبيه، فقد كان أبوه خيرا منه، و أكثر عند الناس و جاهة، و كانت له بيعة في الأعناق، و مع ذلك لم ينفعوه، حتي تمني في آخر حياته الخلاص منهم. أما الحسين، فلم تكن له بيعة، و كان في العراق عماله و أمراؤه، فاغتر ببعض كتب كتبها دعاة الفتن و محبو الشر، فحمل أهله و أولاده، و سار الي قوم لهم عهد. و انظر كيف تألف الجيش الذي حاربه، هل كان الا من أهل العراق وحدهم الذين يرفعون عقيرتهم بأنهم شيعة علي بن أبي طالب؟

و علي الجملة فان الحسين أخطأ خطأ عظيما في خروج الذي جر علي الأمة وبال الفرقة و الاختلاف، و زعزع عماد ألفتها الي يومنا هذا. و قد أكثر الناس من الكتابة في هذه الحادثة، لا يريدون بذلك الا أن تشتعل النيران في القلوب و يشتد تباعدها.

و غاية ما في الأمر أن الرجل طلب أمرا لم يتهيأ له، و لم يعد له عدته، فحيل بينه و بين ما يشتهي و قتل دونه، و قبل ذلك قتل أبوه، فلم نجد في أقلام الكاتبين من يبشع أمر قتله و يزيد به نار العداوة تأجيجا، و قد ذهب الجميع الي ربهم يحاسبهم علي ما فعلوا، و التاريخ يأخذ من ذلك عبرة، و هي أنه لا ينبغي لمن يريد عظام الأمور أن يسير اليها بغير عدتها الطبيعية، فلا يرفع سيفه الا اذا كان معه من القوة ما يكفل له النجاح أو يقرب من لك، كما أنه لابد ان تكون هناك أسباب حقيقية لمصلحة الأمة، بأن يكون هناك جور ظاهر لا يحتمل و عسف شديد ينوء الناس بحمله، أما الحسين فانه خالف علي يزيد، و قد بايعه الناس، و لم يظهر منه ذلك الجور و لا العسف عند اظهار هذا الخلاف).

انتهي كلام الكاتب الذي نفهم منه: أن الحسين لم يكن متأنيا متبصرا في العواقب، و أنه لم يستجب لمشورة أحد، و أن ظنه بأهل العراق خيرا هو الذي دفعه


الي الخروج اليهم، و أنه أغتر بهكتب دعاة الفتنة و محبي الشر، و أنه قد أخطأ بخروجه الذي جر علي الأمة وبال الفرقة و الاختلاف، و زعزع عماد الفتها الي يومنا هذا، و غاية ما في الأمر أنه طلب أمرا لم يتهيأ له، و أن المسألة يجب أن تطوي بعد أن ذهب الجميع الي ربهم، و كان ينبغي للحسين أن تكون له قوة كافية لمقارعة يزيد، و أسباب حقيقية كجور ظاهر أو عسف شديد لا يحتمل، و أنه كان مجرد مخالف علي يزيد الذي لم يظهر منه جو أو عسف عند اظهار الخلاف، أليس هذا ما قاله الكاتب الذي تصدي للحديث عن تاريخ الشعوب الاسلامية؟ و كان يرأس أكبر مؤسسة اسلامية في مصر، و هي جامعة الأزهر؟

ان ما سنعرضه من ملابسات هذه القضية الحساسة التي جعلت الكثيرين يتخبطون بشأنها و خصوصها أولئك المتأثرين ببعض النظرات والاراء المسبقة ستبين أن أراء هذين الكاتبين اللذين ذكرناهما هنا، كنموذج لغير هما من الكتاب الآخرين الذين لم يفهموا من الثورة الا بعض جوانبها الظاهرية، هي أراد لا تستند الي واقعة تاريخية صادقة، أو سند وثيق يتيح لهم قول ما قالوه دون دراسة واعية لاهداف هذه الثورة و مراميها، و ما حققته من نتائج ايجابية كبيرة، اهمها تأجيج الوعي المتسمر لدي المسلمين بضرورة التصدي للانحراف و الظلم، و كل حملة ظالمة علي عقيدتهم و دينهم. [1] .


و من المؤسف ان الكثيرين يرون رأي هؤلاء الكتاب، رغم كل ما فيه من تجن و خروج عن الحقيقة مما سنبينه بالتفصيل بعون الله في بحوث الكتاب القادمة، فهل ثورة الحسين هي التي جرت علي الامة وبال الفرقة و الاختلاف و زعزعت عماد ألفتها الي يومنا هذا؟ علي من كانت الامة ستجتمع لو لم يجر عليها الحسين بزعمهم وبال الفرقة؟ اليس علي من اراد ان يكون خليفة و اماما عليها بالاكراه، و بكل الطرق المحرفة و المزورة، و بكل أساليب الرشوة و الاغراء و التهديد، و هو يزيد؟ و قد رأينا كيف تمت مهزلة استخلافه علي المسلمين من قبل أبيه معاوية؟

علي اي قيم اسلامية يحملها يزيد ستجتمع الامة؟

والي اي امر كان سيجرها لو قدر له ان يجلس علي العرش تلك المدة الطويلة التي جلسها ابوه من قبل؟ انه قام بالكثر الاعمال المثيرة للقرف و الاشمئزاز في نفوس المسلمين خلال مدة حكمه القصير الذي تجاوز ثلاثة سنين بقليل في سبيل تثبيت هذا الحكم، و لو انه استمر لاكثر من عشرين سنة، و قامت في وجهه قوي معارضة هنا و هناك، اما كان قد استباح كل منطقة أو مدينة تظهر فيها تلك القوي، كما فعل بالمدينة تماما؟ هل هذا امر غير وارد؟ ان الاحتمال الآخر هو ان الامة ستسكت عنه و تستسلم، و سيكون فعله و قوله هو القانون البديل للاسلام.


و لو ان الامام الحسين عليه السلام وضع يده في يده منذ البداية و استسلم له و أقر افعاله، ماذا سيكون موقف الامة منه في النهاية؟

فاذا كان من اشاد به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و شهد له بالجنة و الامامة، و القائد الحقيقي للامة قد تخلي عن مهمته و ترك كل شي ء بيد يزيد ليحكم علي هواه و وفق تصوره و رغباته و مصالحه، كيف سيكون موقف الناس الآخرين الذين لا يتمتعون باي مركز قيادي أو علمي، و ليس لهم اي نفوذ روحي أو اجتماعي كذلك الذي كان للامام عليه السلام، اذا ما تنازل عن كل شي ء و اكتفي بضمان السلامة لنفسه و عائلته؟

ان الدولة نفسها ستعمد عند ذاك الي نشر ما حاولت طمسه من فضائل الامام عليه السلام و ستشيد به، لكي تقول بالتالي: كيف رأي ان يكون يزيد هو قائد الأمة و زعيمها و المتصرف بأمورها و شؤونها؟ و لا شك انه اجدر منه و اكثر كفاءة في مجال السياسة و الحكم ليتخلي له عن كل شي ء، و لا بأس بأن يترك له شيئا من السلطة الروحية، تقتصر علي توضيح احكام بعض العبادات و غيرها،ضمن حدود بعض المساجد و حسب. و عندها سيقول للناس: دعوا الدين لا يخرج من المسجد، و لا يتدخل في شؤون السياسة و الدولة، و أعطوا ما لله لله و ما لقيصر لقيصر، و سيكون لذلك مبرر مشروع و دعاة سوف يتكفلون بوضع (الاحاديث) اللازمة لتحقيق هذه الخطوط، لابعاد الاسلام نهائيا عن الحياة.

الا يدرك المطبلون لمعاوية و يزيد ذلك؟

الم تتخذ بعض الخطوات للعمل بهذا الاتجاه؟ الم يقل بعض بسطاء الناس و عوامهم لاولادهم في الكوفة و غيرها بعد ان رأوا تخلي بعض (علمائهم) و (فقهائهم) و اشرافهم عن كل شي ء لسلطان الدولة، ما شأننا نحن بما يجري بين الحكام و الناس الكبار؟ دعونا نترك امثال هذه الامور لهم و نهتم بشؤونا اليومية الخاصة؟

اليس هذا ما يحصل اليوم ايضا، مع اننا نعيش في ظل (حكومات اسلامية) تعلن ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة، و ما عدا ذلك فالدين لا وجود له في الحياة و التشريعات و القوانين و الاحكام؟

اليس كتاب هذه الدول انفسهم الذين يطبلون و يزمرون و يلهثون لتبرير شرعيتها و قداستها و تنزهها عن الخطأ و الزلل، و حكمة قادتها، هم نفسهم الذين اشادوا بدولة سابقة نموذج لهذه الدول، هي دولة معاوية و يزيد؟


ان معرفة دوافع كل كاتب و ناقد و الجو الذي يعيش فيه و العقلية التي يحملها، جديرة بان تجعلنا ندرك عدم موضوعية و جدية و اصالة العديد من البحوث و الدراسات المطروحة التي تتناول قضايانا الاساسية المهمة، و منها قضية الحكم الاموي و ثورة الحسين عليه السلام.

و لا شك ان كتابا آخرين من الذين تحرروا من قيود الدولة و مواضعاتها و التزاماتها، قد نظروا الي ثورة الحسين عليه السلام من زاوية نظر موضوعية، اخذت بنظر الاعتبار كل ملابسات الاحداث التي وقعت لتمرير استخلاف يزيد علي الامة، و جعله يبدو كأمر واقعي مفيد للامة، ضروري لوحدتها و مصالحها. و هو ما لم ينطل علي هؤلاء الكتاب الذين لم يكونوا متحيزين أو حاملين لنظرات مسبقة متحيزة الي الشيعة و قد كتبوا عن الموضوع و تناولوه بدافع الحرص علي الاسلام و مصلحة المسلمين و حسب.

و سنتعرض بعون الله الي اراء مجموعة منهم عند الحديث عن نتائج الثورة (في كتاب قادم)، لندرك انهم قد لمسوا ضرورتها لضمان مستقبل الاسلام، الاسلام الواسع الكبيرالذي لا يختص بفئة أو طائفة من ابنائه، و انما الذي يتسع لكل ابنائه في ظل خيمته الواسعة.

فهل من كتب عن هذه الثورة يريد حقا لنار الفرقة ان تشتعل؟

اليس كلام الكتاب الذين لا يقيمون احكامهم علي قواعد ثابتة، و حوادث تاريخية معلومة و حقائق واضحه عن كل من لعب دورا في تلك الاحداث الخطيرة، سواء أكان الحسين أو يزيد أو اتباعهما أو اشياعهما، هو الذي يثير العداوة و البغضاء و يشعل النيران، حينما يصدرون مثل هذه الاحكام المقررة، و التي لم تقم علي اساس الوقائع و الحقائق و التحليل المنطقي السليم؟

و هل نكتفي بالسطحية عن التعرض لهذه الثورة الكبيرة، لنقول عنها و عن قائدها ببساطة متناهية...

(ان الرجل طلب امرا لم يتهيا له و لم يعد له عدته، فحيل بينه و بين ما يشتهي و قتل دونه).

هكذا بهذه البساطة المتناهية المحزنة نفسر حوادث تاريخنا المهمة، و ننساها


بعد ذلك باعتبارها احداثا مؤسفة لم تتمخض الا عن موت اصحابها و حسب، بل و نروح نحرم روايتها. [2] .

و نروح في النهاية نستمطر شآبيب الرحمة و الغفران علي الجميع، القاتل الخارج عن الاسلام، و المقتول السائر علي خط الاسلام، و نروح نؤاخذ من استشهد خلال هذه الثورة العظيمة، لانه لم يعد لها عدة كافية كفيلة بالاطاحة بيزيد، و كأن كل ما في الامر، انه لم يحسن النزال و قواعد اللعبة، و مادام لم يستعد، فانه استحق الموت الذي نزل به، فلماذا اذا رفع سيفه و هو لا يضمن قتل عدوه؟

و امام عدم الاستعداد المزعوم هذا نسي هؤلاء الاسباب الحقيقية التي دعت الحسين عليه السلام للثورة، و كأنه لم يقم بما قام به دون سبب معقول، هذا ما قاله لنا احد هؤلاء، و ذكر لنا ان يزيد:

(لم يظهر منه ذلك الجور و لا العسف عنداظهار هذا الخلاف).

و كأن الحسين لم يعرف يزيدا، و كأن الامة لم تكن تعرفه، و كأن يزيد لم يكن خلاصة الخطأ و الانحراف الذي اعده و مهد له معاوية، و الذي ينبغي وقفه و القضاء عليه باسرع وقت ممكن، والا انتشر في جسم الامة كما تنتشر الخلايا السرطانية.

و كأن المسألة كلها مسألة خلاف شخصي علي الحكم و السلطان، و ان الحسين طالب من طلاب الدنيا كيزيد تماما. [3] .

فلو ان الحسين عليه السلام قتل اصحاب يزيد في تلك المعركة، و سيطر علي الكوفة، هل كان الخضري و زملاؤه يقولون عنه ما قالوا؟ و هل كلفوا انفسهم عناء ايجاد التبريرات ليزيد كما حاول ذلك آخرون قبله، بأدلة (فقهية، عقلية و نقلية)


و استنادا الي روايات و احاديث موثوقة مسندة من قبل فقهاء الدولة و وعاظها و مرتزقتها؟ تري صحة الانعقاد البيعة، و لو تمت بشخص واحد أو شخصين، و لا تري مبررا للخروج علي المفضول أو الفاسق، و يزيد لم يكن سوي فاسق معروف و مشهود عليه بذلك. و قد تطرقنا الي هذه النقطة الدقيقة التي توصل (علماء الاسلام) بموجبها الي عدم جواز الخروج علي الامام الفاسق، و كأن النقاش يجري حولي رئيس دولة اوروبية حديثة، لا دولة اسلامية لا تزال ثياب نبيها صلي الله عليه و آله و سلم و ادواته لم تبل بعد، فطلعوا علينا بهذه الاطروحة المدمرة، لكي يتيحوا ليزيد و امثاله السيطرة علي مقدرات المسلمين.

و اذ يجمع حتي هؤلاء المؤيدون ليزيد و خلافته علي فسقه، اذ لم يتمكنوا من انكار ذلك، يذهب آخرون بوقاحة و دون سند تاريخي واحد الي انه (كان من خيرة شباب قريش)، كما قال عنه محب الدين الخطيب في كتابه (العواصم من القواصم). [4] .

و لا ندري كيف توصل الخطيب الي معرفة ما لم يعرفه معاصر و يزيد و كل من كتب عنه و أرخ له، و لا ندري المقاييس التي اعتمدها ليكون يزيد في نهاية الامر من خيرة شباب قريش.

ان الخضري يريد ان ينتظر الحسين عليه السلام، حتي يستمر يزيد في سلوكه الفاضح، و يعلن عن العديد من جوانبه، مما لم يعلنه قبلا، لكي يثور عليه، و قد يريد ان يقول: صحيح ان سلوك يزيد كان فاضحا خلال عهد ابيه، ولكنه عندما اصبح خليفة قد يغير سلوكه، و هذا ما ينبغي انتظاره، اي الي ان يسفر يزيد عن نفسه ثانية.

و لعل هذا الكاتب يريد ان يتمادي يزيد في سلوكه الي ابعد حد، و يعلن المزيد من انحرافه في ظل دولته المتسلطة، التي جاءت خطأ، و تسلل مؤسسها الي صف الاسلام لكي يقيمها بعد ذلك علي قواعد غير اسلامية، و عندما يتسلط يزيد و يمتلك المزيد من مقومات النفوذ و الارهاب و القوة، و يتفرعن الي ابعد الحدود، حينذاك يقوم الحسين بثورته، اما في البداية، فلابد له من مبايعته و الاقرار بشرعية وجوده، و كأن المسألة برمتها هنا مسألة مزاج شخصي، أو رغبة خاصة، و كان الحسين وجد


طريقا آخر امامه سوي الثورة، و انه كان يحتمل ان تعود الامور الي حالة اعتيادية بوجود يزيد، و ان املا ما كان يساوره بانه سيستقيم و يعود بشرا سويا كالآخرين علي الاقل.

ان التظاهر بما تظاهر به فقهاء الدولة الاموية و وعاظها و قصاصوها و مرتزقتها من حرص علي وحدة المسلمين و ألفتهم، و التستر بثوب التعقل و الرشد و ادعاء الموضوعية و النزاهة في البحث و النظر ينبغي ان لا تقف عائقا امام اعلان الحقيقة علي الناس، اذ ان في تبني هذا الموقف المتحيز المسبق و غير الجديد، تجنيا علي الحقيقة و الموضوعية و النزاهة.


پاورقي

[1] و من هؤلاء محمد النجار الذي قال في کتابه (الدولة الأموية في الشرق 103 / 102) أما احقية الحسين بالخلافة فهي فکرة تنطوي عليها قلوب الغالبية العظمي من الناس، ولکن ما قيمة هذه القلوب اذا لم تؤيدها السيوف، و هي مع ذلک لا تقتضي الخروج، لأن امامة المفضول مع وجود الافضل جائزة، و قد کان علي بن ابي‏طالب يعتقد احقيته بالخلافة و لم يخرج علي أحد).

و منهم الشيخ محمد الغزالي الذي ندد بنهضة الامام في کتابه (من معالم الحق 131) و وصفها بأنها مجازفة لا اثر فيها لحسن السياسة، و قد کان من المتعين عليه، حسبما يراه الغزالي أن يبايع ليزيد.

و منهم احمد شبلي الذي قال في کتابه (التاريخ الاسلامي و الحضارة الاسلامية 201 / 2). (نجي‏ء الي الحسين لنقر مع الاسف ان تصرفاته کانت في بعض نواحي هذه المشلکة غير مقبولة، فهو اولأ: لا يقبل نصح الناصحين، و خاصة عبدالله بن عباس و استبد برأيه. و ثانيا: نسي أو تجاهل حق أهل الکوفة و ما فعلوه مع ابيه و اخيه، و هو، ثالثا: يخرج ابنائه و اطفاله کأنه ذاهب الي نزهة خلوية، أو زيارة قريب، و يعرف في الطريق غدر أهل الکوفة، و مع هذا يواصل السير اليهم، و ينقاد لرأي بني‏عقيل، و يذهب بجماعة من الاطفال و النساء و قليل من الرجال ليأخذ بثأر مسلم. بالله، قد تکون و لاية يزيد للعهد عملا خاطئا، ولکن هل هذا الطريق لمحاربة الخطأ و العودة الي الصواب؟) و يبدو أن المؤاخذة الکبيرة علي الامام، بنظر هؤلاء ان ثورته قد ادت الي أستشهاده و استشهاد أصحابه عليهم‏السلام، و لو انه اتبع الاساليب الاموية التي اصبحت فيما بعد مألوفة و صحيحة بنظر فئات عديدة من الأمة، و تغلب علي يزيد، لما وجه هؤلاء هذا النقد المرير اليه، حاسبين بذلک انه عليه‏السلام عکر الجو الهادي‏ء الذي کان تعيشه الامة بزعمهم. و سنتعرض عند الحديث عن نتائج الثورة بعون الله الي أراء بعض الکتاب المنصفين و جلهم من ابناء المذاطب الاسلامية المختلفة من غير الشيعة، و کيف أنهم وصلوا الي قناعة تامة بضرورة الثورة التي قام بها الحسين عليه‏السلام ضد الحکم الاموي المنحرف، و الأدلة التي بثوا عليها قناعاتهم الواعية، و هو امر ينبغي الالتفات اليه خصوصا و انهم من الکتاب المعروفين الواعين و غير المنحازين.

[2] قال الغزالي و غيره: و يحرم علي الواعظ و غيره رواية مقتل الحسين و حکاياته و ما جر بين الصحابة من التشاجر و التخاصم، فانه يهيج بغض الصحابة و الطعن فيهم و هم اعلام الدين، تلقي الائمة الدين عنهم رواية، و نحن تلقيناه من الائمة دراية، فالطاعن مطعون طاعن في دينه و نفسه) الصواعق المحرقة / الهيثمي 223.

[3] و قد لفقوا رواية جاء فيها ان ابن‏عمر قال له بالحرف الواحد الا تخرج، فان رسول الله عليه الصلاة و السلام خيرة الله بين الدنيا و الآخرة، فاختار الآخرة، و انک بضعة منه، و لا تنالها و يعني الدنيا) تاريخ الخلفاء السيوطي 192 و في هذا ايحاء بان الامر امر منافسة علي السلطان، و ذلک ما نفاه الامام عليه‏السلام، کما سنري بعد ذلک بعون الله.

[4] العواصم من القواصم: 215.