بازگشت

كتب شيعة آل البيت الي الحسين بعد وفاة الحسن


و قد ذكر اليعقوبي في تاريخه ان شيعة آل البيت اجتمعوا في الكوفة بعد وفاة الامام الحسن عليه السلام، في دار سليمان بن صرد و كتبواالي الحسين عليه السلام يعزونه:

(بسم الله الرحمن الرحيم. للحسين بن علي من شيعته و شيعة ابيه أميرالمؤمنين.

سلام عليك فانا نحمد اليك الله الذي لا اله الا هو.


اما بعد: فقد بلغنا وفاة الحسن بن علي عليهم السلام يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيا، و غفر الله ذنبه و تقبل حسناته و ألحقه بنبيه، و ضاعف لك الاجر في المصاب و جبر بك المصيبة من بعده، فعند الله نحتسبه، و انا لله و انا اليه راجعون. ما اعظم ما اصيب به هذه الامامة عامة، و انت و هذه الشيعة خاصة بهلاك ابن الوحي و ابن بنت النبي، علم الهدي و نور البلاد المرجو لاقامة الدين و اعادة سير الصالحين، فاصبر رحمك الله علي ما اصابك، ان ذلك لمن عزم الامور، فان فيك خلفا عمن كان قبل، و انا الله يؤتي رشده من يهدي بهديك،و نحن شيعتك المصابة بمصيبتك المحزونة بحزنك المسرورة بسرورك، السائرة بسيرتك، المنتظرة لا مرك، شرح الله صدرك، و رفع ذكرك، و اعظم اجرك، و غفر ذنبك ورد عليك حقك). [1] .

و يبدو ان هذه الرسالة ان صح انها قد وردت بهذه الصيغة، حاولت، بشكل رفيق حذر، جس نبض الامام عليه السلام و معرفة موقفه من معاوية، بعد ان خلت الساحة من الامام الحسن عليه السلام و تحمل هو مسؤولية الامامة.

كما يبدو انهم أو بعضهم كانوا لا يرون ما رآه الامام الحسن عليه السلام من الصلح مع معاوية، و انهم ينتظرون موقفا مغايرا من الامام الحسين عليه السلام.

فما الذي تغير، حتي يغير الامام موقفه، و يخالف اخيه عليه السلام بعد موته، و معاوية لا يزال يحكم و برفع نفس الشعارات الكاذبة التي رفعها في السابق، و يضلل الامة بادعاءآته و اباطيله، و لا يمتنع عن خوض حرب ابادة ضد كل من يتعرض له و لسلطانه، و قد امعن باستدراج فئات كبيرة من الامة للاقتناع باهميته كصحابي مقرب من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، وردت فيه احاديث لفقها له بعض مأجوريه و مرتزقته.

و لعل الموقف المناسب هو كشفه و كشف مخططاته و نواياه، حتي لا يعود عند احد شك بشأنها، و هو ما قام به عليه السلام، اذ تصدي بحزم لاستخلاف يزيد بعيد وفاة الامام الحسن عليه السلام، و كشف تبعات هذا الامر علي الامة، كما كشف عن غدر معاوية، و اخلاله بوعوده التي قطعها علي نفسه في وثيقة الصلح مع الامام الحسن عليه السلام، و تراجعه عن تنفيذ كل بنودها، بما فيها البند الخاص بان يكون الحسن عليه السلام خليفة من بعده اذا حل به حادث الموت، ثم من بعده الحسين عليه السلام.


و اذ عمد معاوية الي الغدر بالحسن عليه السلام و سمه، فلا شك ان نواياه كانت مشابهة بالنسبة للحسين عليه السلام، لكي يخلو الجو امام يزيد في نهاية الامر، و يستأثر بكل شي ء.

و هذه اول نية سيئة واضحة كشفتها الامة رغم محاولات معاوية للتستر و التعتيم عليها.

و لعل ما فعله بالامام الحسن عليه السلام، هو الذي دفع أهل الكوفة للكتابة الي الحسين عليه السلام، للنهوض بهم ضد دولة معاوية.

و كتب اليه جعدة بن هبيرة رسالة مماثلة، الا انها كانت اوضح من مثيلاتها، و قد عبر فيها عن رغبة شيعة آل البيت بثورة الحسين عليه السلام علي معاوية. و قد جاء فيها:

(اما بعد: فان من قبلنا من شيعتك متطلعة انفسهم اليك لا يعدلون بك احدا، و قد كانوا عرفوا رأي الحسن اخيك في دفع الحرب، و عرفوك باللين لاوليائك و الغلظة علي اعدائك و الشدة في أمر الله. فان كنت تحب ان تطلب هذا الامر فأقدم علينا، فقد وطنا انفسنا علي الموت معك). [2] .

و لأن موقفه كان كموقف اخيه، و لأن معاوية لا يزال يضلل الامة بأكاذيبه و الاعيبه، فان الحسين عليه السلام لم ير ان يقوم بموقف مغاير لموقفه السابق، و نصح من كاتبوه بالتريث، ريثما تكشف اوراق معاوية و ربما يكون ذلك بعد هلاكه، و قد كتب اليهم الرسالة التالية:

(اما اخي، فارجو ان يكون الله وفقه و سدده فيما يأتي. و اما انا فليس رأي اليوم ذاك. فالصقوا رحمكم الله بالارض، و اكمنوا في البيوت و احترسوا من الظنة مادام معاوية حيا، فان يحدث الله به حدثا و انا حي كتبت اليكم برأيي). [3] .

و الملاحظ في رسالته عليه السلام انه لم يدع أهل الكوفة الي صرف النظر نهائيا عن الثورة علي الدولة الاموية، بل اقرهم عليها، و طلب منهم الاستعداد لها ريثما يهلك معاوية، و كان برسالته كمن يطلب منهم تنظيم صفوفهم و عدم فسح المجال لاي دخيل بينهم، قد يكشف امرهم و يجعل الدولة تستريب بنو اياهم، و تكشف خططهم، فهو يقر الثورة مبدئيا، غير انه لم ير ان الوقت كان مناسبا لها في ذلك الحين.



پاورقي

[1] تاريخ اليعقوبي، م 2 ص 258.

[2] أبوحنيفة الدينوري، الأخبار الطوال ص 203.

[3] أبوحنيفة الدينوري، الاخبار الطوال ص 203.