بازگشت

كتب اهل العراق الي الامام الحسين وأثرها علي قرار الحسين بالثورة ضديزيد


في البداية لابد لنا ان نذكر ان موقف الامام الحسين عليه السلام من الدولة الاموية، و من بيعة يزيد علي الخصوص، منذ ان مهد لها معاوية، و حشد لها كل امكانات الدولة، كانت حافزا لاهل العراق للتطلع اليه كأمل وحيد يخلص الامة من تلك الدولة الطفيلية، التي استأثرت بمقدرات الامة و مكاسبها التي تحققت في ظل الاسلام.

و ربما اراد عليه السلام لموقفه المناهض للدولة ذاك، ان يكون حافزا لكل أبناء الأمة، لا لأهل الكوفة وحدهم، و الذين يمثلون ثقل العراق كله، لكي يرفضوا تلك الدولة.

و ربما اشارت بعض حوادث التاريخ الي انه عليه السلام لم يكن يعول كثيرا علي موقف أهل الكوفة و لم ينف ما قاله (ناصحوه) له عنهم، و لعل الفئة الوحيدة التي كان يعول عليها و يدرك انها ستبقي معه الي النهاية، هي الفئة التي خرجت معه منذ البداية، و التحق بها نفر محدود عبر مسير الملحمية من مكة الي العراق.

و لعله كان سيخرج بها وحدها حتي ولو لم يكاتبه اهل الكوفة، و هو ما فعله بالضبط، و خاض بها تلك المعركة الباسلة الفاصلة.

غير ان كتب أهل الكوفة و مهما تكن نوايا اصحابها و صلابتهم حملته في النهاية المسؤولية امام الامة، و اصبح لزاما عليه الاستجابة لها كما اشرنا الي ذلك و كما سنوضحه بمزيد من التفصيل ان شاء الله، كما حمل هو بدوره الامة كلها مسؤولية التقاعس و القعود و التخاذل،و خصوصا اولئك الذين كتبوا اليه، و كانت كتبهم شاهدة عليهم الي يومنا هذا.

كما لابد لنا ان نذكر ان أهل العراق، و اهل الكوفة منهم علي وجه الخصوص، لم يكتبوا له للمرة الأولي بعد وفاة معاوية و استخلاف يزيد فقط، بل انهم كتبوا اليه خلال حكم معاوية، بعد ان دس السم للامام الحسن عليه السلام و قتله، لجس نبضه و معرفة مدي استعداده للثورة عليه و الاطاحة بدولته.


فقد ذكر ان المسيب بن عتبة الفزاري (قدم في عدة معه الي الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه الي خلع معاوية، و قالوا: قد علمنا رأيك و رأي اخيك فقال: اني لأرجو ان يعطي الله أخي علي نيته في حبه الكف، و ان يعطيني علي نيتي في جهاد الظالمين). [1] .

فلم يكونوا اعرف منه بأخيه، و لم يكونوا اعلم منه بدوافع الامام الحسن من الصلح مع معاوية و موقفه منه، ذلك الموقف الذي ادي في النهاية الي حقن دماء آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و اصحابهم، بعد ان كادت تضيع هدرا و تضيع معها قضية الاسلام كله، كما أدي الي ان تتهيأ الامة نفسيا لنقد الحكم الاموي بقيادة معاوية بعد ان انفرد بالسلطة، و كف القناع عن وجهه، و لم يعد يكلف نفسه حتي التظاهر بالشعارات الاسلامية التي رفعها في السابق، و ادعي فيها حرصه علي وحدة المسلمين و مصالحهم، و ألحق بالاسلام اكبر دمار يمكن ان يلحق به.

و اذا ما صح ما رواه ابن كثير، فان الامام الحسين عليه السلام لم يحاول هنا شجب ما قام به الامام الحسين عليه السلام، بل لعله كان شريكه في قرار الصلح، اذ انه كان الاجراء الوحيد الممكن في ظل اوضاع كانت الامة فيها مهزومة و متعبة من المشاكل التي جرها اليها معاوية، الذي جعل قسما كبيرا من ابنائها ينحاز اليه بفعل الاساليب و الامكانات التي سخرها لذلك الغرض، و الذي لم تستطع كشفه علي حقيقته الا بعد ان كانت محصلة حكمه الاتيان بيزيد خليفه له علي الامة، و الا بعد ان تمادي في انحرافه ذلك التمادي المرعب الذي لا زلنا نعاني منه لحد الآن.


پاورقي

[1] ابن‏کثير 164 / 8.