بازگشت

لا تسر بأهلك و نسائك


و ظل أمل الخير لدي ابن عباس، ان يترك الامام عائلته و يذهب بدونهم الي الكوفة ليجنبهم رؤية المنظر المؤلم لقتله و قتل اصحابه، و هو ما بدا امرا مؤكدا لابن عباس ايضا، قال له ابن عباس:


(ان كان لابد من المسير الي الكوفة، فلا تسر بأهلك و نسائك، و صبيتك، فوالله اني لخائف ان تقتل و هم ينظرون اليك).

و لم يستجب الامام عليه السلام لطلب ابن عباس هذا ايضا، و اعلمه انه انما يأخذهم معه بأمر الهي، مثلما كان خروجه بأمر الهي:

(شاء الله ان يراني قتيلا، و شاء الله ان يراهن سبايا).

و سنجد في الحديث عن نتائج الثورة بعون الله ان أخذ الأمام عياله معه.

أفاد قضية الثورة كثيرا و شكل صوتا اعلاميا مؤثرا علي كل طبقات الامة، خلال مسير العودة الطويل من كربلاء الي الكوفة، ثم الشام ثم المدينة، و الذي لابد ان يكون قد استغرق وقتا طويلا.

و كانت الكثير من صور الثورة و مشاهدها و احداثها ستشوه و تزور، لو لم ترافق نسوة آل البيت الحسين عليه السلام ليشهدن كل ما حدث، و يروين للامة المشاهد الخارقة التي لا تتاح لها مشاهدتها دائما، و التي دلت علي صدق توجه الثورة و قائدها عليه السلام، و قرب الثوار من مبادي ء الاسلام الحقيقية التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و عزمهم الي آخر لحظة علي المضي بمهمتهم الكبيرة لانقاذ الامة و تعريفها علي واقعها المؤلم.

و قد روي ان محمد بن الحنفية لم يستطع الصبر علي البقاء في المدينة، و قد علم بعزم الامام علي المسير الي العراق، فالتحق به في مكة. [1] .

و قد بلغ من شدة حزنه انه كان يبكي بكاء حارا،حتي سمع و كف دموعه مثل المطر في طست كان بين يديه فيه ماء و هو يتوضأ. [2] .

و قد توجه اليه يرجوه ان يبقي في مكة و لا يذهب الي الكوفة:

(يا اخي، ان أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك و اخيك، و قد خفت ان يكون حالك كحال من مضي، فان رأيت ان تقيم، فانك اعز من في الحرم و امنعه). [3] .

غير ان الحسين عليه السلام لم يقره علي رأيه هذا، و ابدي خشيته من ان يغتاله اعوان يزيد في الحرم، فيكون هو الذي تستباح به حرمة هذا البيت، فاقترح عليه ابن


الحنفية كما اقترح عليه من قبل أن يتوجه الي اليمن، فوعده الامام ان ينظر في اقتراحه، و يبدو انه لم يكن يرغب ان يطيل الحديث الذي كان فيما يبدو يسبب اذي بالغا لاخيه، اذ ان تصميمه علي الذهاب الي العراق كان تصميما نهائيا، و قد ارتحل وقت السحر بعيد تلك المحاولة، و قد لحق به ابن الحنفية متسائلا عن سبب ذلك، بعد ان وعده الحسين عليه السلام بدراسة اقتراحه، ثم لما راي ان كل شي ء قد اعد، و ان الحسين عليه السلام كان بسبيله الي الانطلاق نحو الكوفة، طلب منه عدم اخذ النساء معه، غير ان الحسين عليه السلام لم يستجب لذلك أيضا، ربما للاسباب التي ذكرناها من قبل و التي سنفصل الكلام عنها فيما بعد بعون الله.



پاورقي

[1] کما روي الخوارزمي في مقتله.

[2] تاريخ الاسلام للذهبي 343 / 1.

[3] تاريخ الاسلام للذهبي 343 / 1.