بازگشت

الامام الحسين يبين للأمة طبيعة المهمة العظيمة التي سيقدم عليها


اننا نجد ان الامام عليه السلام في كل مراحل ثورته، و في كل خطبه و اجوبته للناصحين، و العاذلين، كان يؤكد صعوبة المهمة التي كان يمضي لها، و انها ليمست من المهام العادية اذ ان اقل ما يمكن ان يلقاه فيها هو الموت، و كان يبدو في كل اقواله و تصرفاته و كأنه ينعي نفسه للامة، و قد اوضح منذ البداية أن علي من يلتحق به ان يوطن نفسه علي الموت معه، و هو أمر ما كان ليلق الاستجابة السريعة عند عموم افراد الامة، الذين ربما رأوا ان القضية (خاسرة) منذ البداية، مادام الموت هو الثمن المباشر لها، و لم يكن بالامكان ان تجد تلك الصفوة البدرية الاولي التي وعدها الله بالنصر، و تربت علي يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مباشرة، لتقدم بنفس الحماس الذي اقدمت عليه تلك، غير خائفة من الموت أو متهيبة منه.

ان مهمة كهذه كانت تحتاج الي قيادة مطلقة السراح، غير مقيدة أو محاصرة، تأخذ حريتها و توضح اهدافها بمرونة و طلاقة، اما اذا ما حوصرت القيادة الاصيلة، و بدأت القيادة المزيفة بتزعم الامة للسير بطريق الانحراف، الذي عبد لها و مهد منذ زمن طويل، من قبل قيادة مزيفة منحرفة اخري، أقرت الزيف و الانحراف كواقع عملي، و جعلت الناس ينظرون للاسلام كأشراقة مرت و لم يعد بالامكان ان تستمر، و انه غير ممكن ان يستمر علي النهج الذي سار به منذ البداية، فان مهمة القيادة الاصيلة المراقبة المحاصرة ستبدو محفوفة بالاخطار، و لن تتاح لها فرصة التعبير الحر الواضح عن اهدافها و مهامها، و مع ذلك، فان هذا الامر لم يثن الامام عليه السلام من التصريح بمهمته امام الامة، و توضيح اهدافه بصراحة و وضوح.

و كا خطابه الوداعي بمكة، قد بدا خطاب تأبيني، نعي الامام عليه السلام فيه نفسه الا الامة، و قد أشار فيه الي مسؤوليات هذه الامة بالسير خلفه، باعتبار ان طريقه هو الطريق الوحيد الذي فيه خلاصها و حياتها، كما أشار فيه الي موقعه هو عليه السلام من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من الاسلام، و هذا ما فعله في عدة مناسبات بعد ذلك، و اوضح فيها بجلاء ان مسؤولية الامة هي في السير علي خطه و حسب، و هذا ما أوضحه قبله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و اميرالمؤمنين و الحسن عليهم السلام، باعتبار ان خطهم هو خط الاسلام الواضح غير المحرف.

و مهمة كمهمته لابد ان تقتضي تضحية كتضحيته، و هو اذ يطلب من الامة


الاشتراك معه في هذه المهمة، فانه يضع امامها الثمن الذي ينبغي ان يدفعه كل من يريد ذلك.