بازگشت

ابن مسعود يحاول تعبئة البصريين مع الامام الحسين


و لم تتح الفرصة القصيرة بين وصول الرسالة الي البصرة، و خروج الحسين عليه السلام السريع بعدها الي الكوفة المجال للكثيرين من الناس للانضمام لموكبه، و لم يلتحق به سوي عدة أفراد استطاعوا في الوقت المناسب قبيل بدء المعركة، و استشهدوا. معه كما استشهد معه رسول ابن مسعود اليه الحجاج بن بدر السعدي، و كان ابن مسعود قد أرسل معه رسالة يعد فيها الامام بنصرته، و قد بلغه قتله قبل أن يسير فخرج من انقطاعه عنه، و كثر أسفه عليه.

و كانت رسالة ابن مسعود تفصح عن فهم كامل لموقف الامام، و رغبة كبيرة في الالتحاق به، و قد جاء فيها:

(أما بعد فقد وصل الي كتابك و فهمت ما ندبتني اليه و دعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك، و الفوز بنصيبي من نصرتك، و ان الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير، أو دليل علي سبيل نجاة، و أنتم حجة الله علي خلقه، و وديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية، هو أصلها و انتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللت لك أعناق بني تميم، و تركتهم اشد تتابعا في طاعتك من الابل الظماء لورود الماء يوم خمسها، و قد ذلت لك رقاب بني سعد، و غسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع). [1] .

و يبدو من مضمون الرسالة أن ابن مسعود، كان يعلم بتوجه الحسين الي الكوفة، و قد رحب بقرار الامام، و حاول تحشيد أفراد قبيلته و محالفيهم خلفه، و أرسل تلك الرسالة مع الحجاج بن بدر السعدي، الذي لم يتنظر ريثما يتم فيه اعداد الحملة الموالية للامام، فالتحق به حال سماعه نبأ القرار، و وجده ربما في كربلاء أو قريبا منها، يدل علي ذلك قول الامام عقيب اطلاعه علي الرسالة:

(مالك، آمنك الله يوم الخوف، و اعزك و أرواك يوم العطش الاكبر). [2] .

و كان يزيد بن مسعود قد حاول تعبئة اكبر عدد من الناس، للالتحاق بالامام، و ربما استغرق ذلك فترة كانت كافية لكي يسبقهم الامام من مكة الي الكوفة، و قد جمع مقاتلي قبيلته و وجوههم، و كذلك مقاتلي و وجوه القبائل الحليفة له، و القي


خطبة حثهم فيها الي التخلي عن الدولة الظالمة بقيادة يزيد، و الالتحاق بالحسين عليه السلام، و قد جاء في خطبته:

(ان معاوية قد مات، فأهون به و الله هالكا و مفقودا. ألا و انه قد انكسر باب الجور و الاثم، و تضعضعت اركان الظلم، و قد كان احدث بيعة عقد بها امرا ظن أنه قد أحكمه، و هيهات الذي اراد. اجتهد و الله ففشل، و شاور فخذل، و قد قام من بعده يزيد شارب الخمور، و رأس الفجور، يدعي الخلافة علي المسلمين و يتأمر عليهم، مع قصر حلم، و قلة علم، لا يعرف من الحق موطأ قدميه، فاقسم بالله قسما مبرورا، لجهاده علي الدين افضل من جهاد المشركين.

و هنا الحسين بن علي و ابن رسول الله ذو الشرف الاصيل، و الرأي الاثيل، له فضل لا يوصف و علم لا ينزف، و هو اولي بهذا الامر، لسابقته و سنه و قدمه و قرابته، يعطف علي الصغير، و يحسن الي الكبير، فأكرم به راعي رعية، و امام قوم و جبت لله به الحجة، و بلغت به الوعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، و لا تسكعوا في وهدة الباطل، و قد كان صخر بن قبس انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم الي ابن رسول الله و نصرته، فوالله، لا يقصر احد عن نصرته الا اورثه الله الذل في ولده، و القلة في عشيرته.

و ها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها، و ادرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت، و من يهرب لم يفت، فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب). [3] .

اما قومه بنوحنظلة فقد استجابوا له بسرعة و ابدوا استعدادهم للسير وراءه قائلين له:

(نحن نبل كنانتك و فرسان عشيرتك، ان رميت بنا اصبت، و ان غزوت بنا فتحت، لا تخوض و الله غمرة الا خضناها، و لا تلقي و الله شدة الا لقيناها ننصرك باسيافنا، و نقيك بابداننا). [4] .

و كذلك استجابت له بنوعامر بن تميم، غير ان بني سعد بن زيد، قد طلبوا امهالهم كي يراجعوا للمشورة، و يأتوه برأيهم بعد ذلك، و قد طلب منهم ابن مسعود الثبات و الاستجابة لطلبه بالوقوف خلف الامام الحسين عليه السلام.



پاورقي

[1] اللهوف لابن‏طاووس ط النجف ص 18، و مثير الاحزان لابن‏نما،ص 13.

[2] اللهوف لابن‏طاووس ط النجف ص 18، و مثير الاحزان لابن‏نما ص 13.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.