بازگشت

الاعلام العلوي الحسيني في مواجهة الانحراف


كان الامام الحسين عليه السلام يحاول بفعل مقصود ان يلفت نظر الامة الي رفضه للتغيير المتوقع حدوثه علي يد معاوية و الذي حاول ان يصل في نهايته الي اعلام (الانحراف) قاعدة بديلة عن الاسلام، اذا ما توج ذلك الانحراف بوضع يزيد علي


العرش، لقد كان ذلك هو التغيير المتوقع الذي حاوله معاويعة، و حاول الحسين عليه السلام مقابله ان يلفت نظر الامة الي خطورته و يبدو ان تأثير الامام كان من الفاعلية بحيث لم تستطع طمسه الاجهزة الاموية بكل ما امتكلته من قدرات و قوة و امكانات، مع انها حاولت التمويه و تضليل الرأي العام المسلم حول دوافع تنصيب يزيد خليفة و مشروعية ذلك اولا، ثم تشويه الدوافع الحقيقية لرفض الحسين عليه السلام ذلك.

و رغم محاولات معاوية المتكررة معه و تهديده اياه و محاولة اغرائه الي حد انه عرض عليه ان يكون (شريكا) في السلطة، و استعداده لذلك بالفعل [1] ، فان الحسين عليه السلام افشل ذلك المخطط الماكر و المعد بعناية من قبل معاوية و لم يستجب لاغراءاته و تهديداته، و قام بحملات مضادة لكشف عمق المؤامرة التي كان يتعرض لها المسلمون بتنصيب يزيد خليفة عليهم، بل انه ذهب كما رأينا الي ابعد من ذلك لها المسلمون بتنصيب يزيد خليفة عليهم، بل انه ذهب كما رأينا الي ابعد من ذلك عندما ذكر جماهير الامة المجتمعة في مكة في موسم الحج بمنزلته و منزلة آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم كافة، و بحقه الذي اغتصب، و دعوته اياهم لمحادثة من يثقون به و بدينه، و كان اقرار اكثر من مائتي صحابي، و الاف التابعين بما طرحه الامام عليه السلام علي المسلمين في موسم الحج و في اوج قوة معاوية و ارتفاع العرش الاموي حافزا للحسين عليه السلام للمضي في مهمته الي النهاية لايقاظ الامة، و تبصيرها بالمصير الاسود الذي اريد جرها اليه، و كانت تلك حلقة مهمة لرص الصفوف حوله و تحشيد الامة لفهم مهمته التي بدا انه كان عازما علي المضي بها و التخطيط لها و اعداد الامة لاستقبالها قبل وقت طويل من الوقت الذي نفذت فيه فعلا في كربلاء، و هذا احد الامور التي تدحض حجة معاوية و افتراءاته عليه، و بأن في رأسه نزوة لابد ان ينفذها، و انه لابد ان يذهب الي العراق (باغراء) ممن قتل اباه و خذل اخاه عليه السلام.

و لعل معاوية كان من اكبر العارفين بالحسين عليه السلام و نواياه، و لعله ادرك انه سيمضي الي نهاية الشوط بالتصدي للدولة الاموية الجائرة البعيدة عن الاسلام، و انه


لن يتنازل عن حقه بالتصدي المعلن الشجاع للظلم و الانحراف، فحاول منذ البداية تشويه صورة الامام لدي الامة، كما حاول تشويه صورة أميرالمؤمنين عليه السلام و الحسن عليه السلام، و اختلاق مختلف الاقاصيص و الاكاذيب المفتراة بحقهما، و ذهب بحق أميرالمؤمنين عليه السلام الي ابعد من ذلك حينما شن اكبر حملة للسباب و الشتيمة عرفها التاريخ بحقه عليه السلام، رافقتها حملة مماثلة للحط من قيمته و رواية اخبار كاذبة بحقه نقلها بعض المشاركين بالعرش الاموي امثال عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و سمرة بن جندب و غيرهم.

ان من يستعرض مواقف الامام الحسين عليه السلام، علي اساس الاسلام، حاملا العقلية الاسلامية الصحيحة التي حملها عليه السلام، يري ان ما قام به هو ما كان ينبغي ان يقوم به فعلا، و ان لا خيار امامه لانقاذ الامة من ورطتها و انحدارها و سقوطها و الا فهل كان ازجاء النصح المجرد ليزيد و هو الذي بذل معاوية جهودا خارقة لتحسين صورته و منعه من تصرفاته المعلنة المخزية ستغيره و تجعل منه شخصا آخر غير الذي عرفته الامة؟ و هل كان السكوت عنه أو حتي مجرد الامتناع عن بيعته و الانزواء في مكان بعيد لا تطاله يده كفيلا بمنع الامة من الانجرار الي مصيرها المحتوم، و سقوطها النهائي؟

ان قوة الفعل التي تمثلت في الفصل الختامي من ثورة الحسين عليه السلام، برزت في كل مشاهد حياته، ليظل تأثير المشهد الاخير ماثلا دائما كما هو حاله عبر مئات السنين التي مرت، و لو انه ساوم أو تنازل أو سكت عن حقه أو هادن دولة الظلم و اكتفي بدافع من (نزوة شخصية) كما حاول معاوية الايحاء بذلك، لكانت ثورته قد اندثرت و لذهب دمه و دماء اصحابه هدرا، كما ذهبت دماء العديد من المتنافسين علي السلطان و الزعامة كابن الزبير و امثاله، من الذين لم يكن الاسلام و امة الاسلام دافعهم للتصدي لمنافسيهم، رغم ما ابدوه من بطولة ظاهرية، و شجاعة في مواجهة الموت.


پاورقي

[1] اذ انه عليه‏السلام اذا ما فعل ذلک، فانه سيفقد بنظر المسلمين کل تلک القداسة و المنزلة الرفيعة التي تمتع بها و شهد له بها کتاب الله ورسوله الکريم، و سيکون بامکان معاوية ان يزيله او يطيح به في اية لحظة دون ان يثير ذلک حفيظة احد من المسلمين او يولد اي رد فعل مناوي‏ء للدولة الاموية.