بازگشت

قدرات معاوية علي تزوير الوقائع


و انه حتي اذا قام بدور بطولي مرموق، و حتي اذا استشهد في سبيل الاسلام لكشف الانحراف الاموي الواضح، فان مؤهلات معاوية و قدراته الشريرة، ستصور المسألة بعد قيامه بابادة الثوار و كأنها مسألة جماعة من الخوارج الذين ارادوا شق عصا الطاعة و تفريق الامة و الجماعة، و ربما تصوير الحسين عليه السلام و اظهاره بمظهر المخدوع بشيعة والده، و هو ما عمدوا اليه فعلا بعد مجزرة الطف، و كأنه لم يقم بعمل ارادي مدروس تام الابعاد و في الوقت المناسب للفت نظر الامة الي حالها المزرية المتخلفة عن الاسلام في ظل النظام الاموي الذي اعلن خروجه عن السالام بشكل سافر.

اليس الذي جعل امة كبيرة من الناس تعمد الي سب أميرالمؤمنين عليه السلام و نصب العداوة له بقادر علي ان يصور مسألة ثورة الحسين عليه السلام فيما لو قامت في عهده علي انها نزوة طمع في ملك، أو خروج علي وحدة الامة أو تراجع عن البيعة، و لقام بعد ذلك بحملة تصفيات شاملة لا يدع فيها ايا من آل البيت عليه السلام أو مواليهم أو اتباعهم، آخذا علي الظنة و الشبهة، و لو جد آذانا صاغية لما يدعيه و شفاها مرددة لا باطيله و مزاعمه؟

اما الامر مع يزيد فيختلف عن ذلك اختلافا بينا، كما المحنا و كما سنوضحه بالتفصيل بعون الله و بهذا نعلم ان أهل الكوفة لم يكاتبوا الحسين بعد هلاك معاوية و حسب، و انما كاتبوه ققبل ذلك و دعوه للثورة، و انهم لم (يستخفوه) كما ادعي معاوية، و ان الامام عليه السلام لم يستجب بعد ذلك هكذا عبثا و دون مبررات مقنعة، و دون نظر في العواقب و معرفة النتائج التي ستترتب علي ثورته و خروجه علي النظام الجائر، و ان موقفه لم يكن رد فعل سريع و استجابة غير مدروسة نشأت نتيجة (نشوة) أو (فرح) عند سماعه بخبر وفاة معاوية و ورود كتب أهل العراق عليه، كما سنؤكد ذلك بمزيد من الادلة في هذا الفصل بعون الله، تولد عنه طموح بالزعامة بعد خلو الساحة من معاوية.

فمن يضمن ان معاوية لن يعمد الي ابتكار عشرات القصص لا علي لسان الحسين عليه السلام وحده، كما رأينا قبل قليل بل علي السنة آل البيت كلهم عليه السلام و كما فعل عندما وضع احاديث علي لسان الرسول صلي الله عليه و آله و سلم يؤكد فيها تفوقه و اعترافهم بهذا التفوق، بل و بحقه كخليفة وحيد مقبول بعد الخلفاء الثلاثة الاوائل، و انه لم يكن


الباغي علي أميرالمؤمنين عليه السلام بل ان العكس هو الصحيح، و يعمد بعد ذلك الي تزيين يزيد بفضائل مماثلة لا ينكرها احد أو يجرؤ علي تكذيبها، هذا اذا لم يعمد بعد خلو الساحة من جميع آل البيت الي اعلان نواياه بوضوح و اعلان حربه السافرة ضد الاسلام دون تحفظ أو مداراة؟