موقف الامام الحسين من رسائل أهل العراق التي تدعوه للثورة علي معاوية
و قد روي لنا انه:
(لما توفي الحسن بن علي و بلغ الشيعة في العراق ذلك اجتمعوا في دار سليمان بن صرد في الكوفة، و كتبوا الي الحسين يعزونه، و مما جاء برسالتهم: ما اعظم ما اصيب به هذه الامة عامة، و انت و هذه الشيعة خاصة بهلاك ابن الوصي و ابن بنت النبي، علم الهدي و نور البلاد المرجو لاقامة الدين و اعادة سير الصالحين، فاصبر رحمك الله علي ما اصابك، ان ذلك لمن عزم الامور، فان فيك خلفا عمن قبلك، و ان الله يؤتي رشده من يهدي بهديك، و نحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك المسرورة بسرورك السائرة يسيرتك المنتظرة لامرك، شرح الله صدرك، و رفع ذكرك و اعظم اجرك و غفر ذنبك و رد عليك حقك) [1] .
و في هذه الرسالة ايحاءات قوية و دعوة واضحة للقيام ضد معاوية و استعداد واضح للامتثال لامر الامام عليه السلام.
علي ان رسائل صريحة وردت اليه بايدي رسل من الكوفة يدعونه الي القدوم اليها و تزعم الحملة المناوئة لمعاوية.
فقد (قدم المسيب بن عتبة الفزاري في عدة معه الي الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه الي خلع معاوية، و قالوا: قد علمنا رأيك و رأي أخيك) [2] .
كما (ارسل رؤساء الشيعة الي الحسين رسائل يعزونه بأخيه و ارسل اليه (جعدة بن هبيرة بن أبي وهب) الرسالة التالية:
(اما بعد: فان من قبلنا من شيعتك متطلعة انفسهم اليك، لا يعدلون بك احدا، و قد كانوا عرفوا رأي الحسن اخيك في وضع الحرب، و عرفوك باللين لاوليائك و الغلظة علي اعدائك و الشدة في امر الله، فان كنت تحب ان تطلب هذا الامر فاقدم علينا، فقد وطنا انفسنا علي الموت معك) [3] .
و كان رد الحسين عليه السلام منسجما و المرحلة التي كانت تمر بها الامة في ظل الظروف الاموية الطارئة، و لم يكن منفعلا أو متسما برد الفعل السريع الذي حاول معاوية ان يطبع به سلوكه عليه السلام، و يصوره علي انه نتيجة اندفاعات أو نزوات لا غير.
فقد اجاب عليه السلام المسيب بن عقبة الفزاري و جماعته قائلا:
(اني لارجو ان يعطي الله اخي علي نيته في حبه الكف، و ان يعطيني علي نيتي في جهاد الظالمين) [4] .
و اجاب أهل الكوفة بقوله:
(اما اخي فارجو ان يكون الله وفقه و سدده فيما يأتي. و اما انا فليس رأي اليوم ذاك، فالصقوا رحمكم الله بالارض، و اكنوا في البيوت و احترسوا من الظنة ما دام معاوية حيا، فان يحدث الله به حدثا و انا حي كتبت اليكم برأيي) [5] .
لقد كان عليه السلام يعلم ان مستلزمات الثورة واسبابها لم تكن معدة لكي يقوم بها.
پاورقي
[1] تاريخ اليعقوبي 258.
[2] ابنکثير 164 / 8.
[3] الدينوري ص 303.
[4] ابنکثير 164 / 8.
[5] الدينوري ص 203.