بازگشت

حكمة الحسين في تقدير الظروف الموضوعية في عهد معاوية


و لا شك ان الحسين عليه السلام قدر الظرف الذي اوجده معاوية لنفسه، و قدر انه أي معاوية يتمتع برصيد لا يستهان به لدي فئات عديدة من ابناء هذه الامة المخدوعة المغلوبة، و لم يشأ ان يتصدي بثورة معلنة علي الانحراف المبرر و المغطي من قبل معاوية و رجاله، و لم تكن الظروف الموضوعية للثورة قد تهيأت بعد، مادام معاوية يعلن و يجد من يصدقه انه الممثل الحقيقي للاسلام، و يجد ايضا من يستجيب لادعاءاته، بل و يجند نفسه لنشرها، و مع ذلك، و مع انه لم يعط المبرر الكافي لمعاوية للقضاء عليه و قتله فانه..

(لما بايع الناس معاوية ليزيد، كان الحسين ممن لم يبايع له، و كان أهل الكوفة يكتبون اليه يدعونه الي الخروج اليهم في خلافة معاوية كل ذلك يأبي عليهم) [1] .

و ربما كان بعضهم يختلف اليه في المدينة كما روي الدينوري:

(اتي نفر من الشيعة حسينا في المدينة، فاخبروه بما حدث لحجر و اصحابه من قتل و سجن و تشريد فشق ذلك عليه - و اقام ذلك النفر في المدينة يختلفون اليه - و نمي الخبر الي و الي المدينة مروان بن الحكم فكتب الي معاوية: ان رجالا من أهل العراق


قدموا علي الحسين بن علي رضي الله عنما و هم مقيمون عنده يختلفون اليه، فاكتب الي بالذي تري) [2] .

و كان هذا هو الذي دعا معاوية الي تهديد الامام عليه السلام كما روينا قبل قليل، لقد فوت الامام عليه السلام الفرصة علي معاوية مرات عديدة، و كان يتصرف بحذر تجاهه، مع انه لم يبد له أي استعداد للمهادنة بخصوص استخلاف يزيد كما رأينا، و كان يأبي علي من ارادوا مبايعته في زمن معاوية، و يرفض ذلك، رغم حرصهم علي ذلك و دعوتهم اياه عدة مرات، و في هذا دليل علي انه لم يكن يتصرف بدافع من رد فعل آني، أو بدافع من حماسة طارئة، أو (نزوة اراد اظهارها) كما عبر عن ذلك معاوية، و استعار تعبيره نفر من الكتاب و المؤرخين و الكتاب المتحمسين لقضية معاوية، و منهم كتاب محدثون متلقون، نظروا الي المسألة برمتها بعين اموية، و لعل بعضهم كانوا مخدوعين و مضللين..، اما البعض الاخر فربما كان يعمل في ظل نظام لا يختلف عن ذلك النظام الاموي الاول...، و من شأن شجبه للنظام الاموي ان يولد شجبا للنظام الذي يرتزق في ظله.


پاورقي

[1] ابن‏کثير 163 / 8.

[2] الاخبار الطوال 205.