بازگشت

مزايا الامام الحسين الاستثنائية دليل علي الاختيار الالهي


اننا أمام شخصية كبيرة، تتمتع بمزايا استثنائية جدا، مزايا فريدة لن يستطيع احد أن يتصور أنها يمكن ان تجمع في شخص واحد، اللهم الا اذا كان هذا الشخص مختارا و مؤهلا للعب دور استثنائي فريد، من السلالة التي اختصها الله بالنبوة اولا.. ثم بالامامة بعد ذلك..، و لم يكن قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيه و في آله عموما مجرد حدس و توقعات و حسن ظن مجرد، و انما كان علمه صلي الله عليه و آله و سلم من العلم الذي علمه الله اياه، و اخبره فيه أن هؤلاء هم قادة الامة و عدولها، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين، و ليس من يتصدي لهذه المهمة الخطيرة بجدارة، انسان قد يخضع لما يخضع له البشر العاديون من الاستجابات السريعة لنزوات النفس و نزعاتها و سقطاتها. انه دور مكمل لدور الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، و ينبغي لمن يعد له أو يقوم به أن يجعل من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قدوة له في كل شي ء، و يجعل من سنته هدفا أعلي و يجعل من كتاب الله قانونا دائميا يرجع اليه دائما و لا يفارقه في أي حال و تحت أي ظرف.

لقد استمعنا للشهادة الحق، من الخارق الحق بشأن هؤلاء الآل المنزهين عن كل خطأ و رجس، و استمعنا لشهادة الصادق الامين صلي الله عليه و آله و سلم، الذي لا ينطق عن الهوي بشأنهم، و استمعنا الي شهادة التاريخ، و قرأنا بعض ما كتب و سطر عنهم. و انه لأمر واضح، بل وساطع.

و انه لأمر مذهل، أن نري أمانا أناسا بهذا الوضوح و هذه القوة التي تقترب من الاعجاز.

و لعل أشد ما يحير الدارس المتتبع أن غيره يعرف عنهم عليهم السلام نفس ما يعرفه هو بل و ربما اكثر.

و عندما نتساءل: لم لا يتسجيب هؤلاء (العارفون) لهذه الصفوة المختارة، و يتأثروا بها و بمنهجها في التفكير و العمل..؟ نعود فنقول: ربما كان السبب في ذلك هو نفس السبب الذي دعا من اعترفوا بوضوح القرآن و اعجازه الي الابتعاد عنه.. قبل دولة الاسلام و بعدها بفعل القوة و الضغط الامويين، حينما استنفرت (الدولة) و حشدت كل جهودها و طاقاتها لتقف أمام ذلك المد المحمدي الهائل الذي تجسد بالنبي و آله عليهم السلام. تلك الدولة التي اوجدت منهجا جديدا في التفكير و العمل لم


يأخذ من الاسلام الا اسمه فقط، و الذي اعتمد الأساليب و التصرفات البشرية الارضية المتدنية التي لم تر مثلها الا علي الا في مصالحها و رغباتها و نزواتها، و التي رأت في مسألة النبوة برمتها مسألة نزاع علي ملك و سلطان، و رأت أن تستولي هي علي هذا الملك و السلطان. و حشدت في سبيل ذلك الافا من (العلماء) و (الصحابة) و المحدثين و المفسرين و الفقهاء الذين وضعوا أحاديث، و فسروا القرآن بشكل جعل الاسلام يبدو و كأنه دين آخر، لولا ما ايد الله به دينه بالكتاب المجيد الذي لم يستطيعوا تحريفه و تزويره فكان عقبة في طريقهم، و كانت طريقهم الماكرة (بتأويله) من الضربات الجسيمة التي ألحقت بالاسلام، فقد رأي معاوية أن من مصلحته جعل الامة تعتقد ان الرسول صلي الله عليه و آله و سلم قد اشاد باله لأنهم آله، و رأي ان مدخله الي حربهم قد يكون من خلال ذلك، و لم ير أمامه الا يزيد بعد أن لم ير الاسلام و أهله، و هكذا كان سعيه المحموم لتنصيبه (خليفة) و (اميراللمؤمنين)..، و هكذا قال بعد أن لم يستطع اخفاء ما بنفسه و بعد أن رأي أن الجو كان مهيئا للاستماع الي صوته الغريب عن صوت الاسلام و نداءاته:

(انه لم يبق الا ابني و أبناؤهم، فابني أحب اليط من أبنائهم..) [1] ،

و كان هذا مقياسه الوحيد الجديد الذي أراد أن تفهمه الامة، و اشارته الموحية الجديدة بأن الأمر أمر ملك، و قد أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حصته منه و رحل، و بقي هو، و عندما سيرحل سيعمد الي ما لم يعمد اليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من اقرار خلفائه عليه السلام بالقوة، لان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان حريصا علي مصلحة الاسلام، و معاوية كان حريصا علي الملك له و لعائلته..، فلئن ذهب الملك منهم فليذهب كل شي ء، لقد تبني العديدون نظرة معاوية الي المسألة كلها، اما معاوية فحصل علي الملك له و لابنه من بعده...، أما هؤلاء المنحازون المتعصبون، فماذا جنوا غير الايغال في الضلالة و تبني خط الانحراف، و قد جعلوا بذلك من أنفسهم حجر عثرة في طريق الاسلام و أهله و معتنقيه و محبيه، فهل أدركوا العواقب الوخيمة لذلك، و قد وقفوا أعوانا و دعاة للضلاة و الانحراف و الشيطان.. و كيف سيبررون ذلك أمام من لابد ان يقفوا أمامه فيحاسبهم، كما يحاسب صاحب الفعل الاصلي.. لأنهم شايعوه و تبنوا مواقفه.



پاورقي

[1] العقد الفريد ص 111.