بازگشت

ترجمة الامام الحسين


فمن هو الحسين عليه السلام، هذا الذي اشاد به القرآن الكريم بشكل جازم، و تحدث عنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بهذا الاسلوب الواضح، و اعلن انتماءه اليه، مع ان كل الامة تنتمي اليه هو صلي الله عليه و آله و سلم؟

اما نسبه: فهو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف و امه فاطمة الزهراء عليهم السلام ابنة رسول الله محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.

جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم،

و ابوه أميرالمؤمنين عليه السلام،


و امه فاطمة الزهراء عليهاالسلام.

ولد في المدينة و ترعرع مع اخيه الحسن عليه السلام في حجر جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و امهما فاطمة الزهراء البتول عليهاالسلام و ابيهما أميرالمؤمنين عليه السلام.

لم يشب اسلامه عمل أو تصور جاهلي، و قد وجد نفسه منذ ان كان وليدا في الاحضان الطاهرة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابنته، و وصيه، و هو يري بعيونهم و يعمل عملهم.

اما كيف نظر الي الاسلام، و ماذا رأي فيه، فيقينا انه رآه كما رآه جده صلي الله عليه و آله و سلم و ابوه و والدته عليهم السلام، و قد كان حريصا طيلة حياته علي وضع النموذج الاول للمسلم المتمثل برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم امام عينيه. و كانت حياة أميرالمؤمنين عليه السلام تمثل النموذج المتوافق و المتطابق مع ذلك النموذج الاول، الذي يشخص امامه دائما ايضا.

و هكذا فان الفترة التي عاشها في حضنيهما، و خصوصا والده أميرالمؤمنين عليه السلام و هي فترة طويلة امتدت منذ ولادته عام 4 للهجرة، كانت كافية لبلورة تصوراته و وضوح نهجه علي النمط الذي كانت عليه تصورات و نهج جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابيه أميرالمؤمنين عليه السلام.

فقد كان عمره عند استشهاد والده عليه السلام ستة و ثلاثين عاما قضاها كلها قربه عليه السلام، و لم يبتعد عنه حتي خلال الحروب التي خاضها. و قد شهد كل حوادث تلك الفترة المزدحمة بالاحداث الجليلة، بل و شارك ببعضها مشاركة فعلية، و نظر اليها نفس النظرة التي نظر اليها والده و اخوه عليه السلام من قبل، و لم يكن مجرد مشارك عادي بتلك الاحداث و الحروب بحكم تحيزه الي والده عليه السلام لانه والده، بل كان مشاركا فعالا بحكم انتمائه الحقيقي للاسلام و رؤيته الواضحة للحق، و هو يراه الي جانب ابيه عليه السلام، و هو امر لم يكن ليغيب عن الناس العاديين، فكيف به هو الذي عرف الاسلام حق المعرفة، و يعرف والده عليه السلام حق المعرفة ايضا، و كانت له مواقف مشهورة في الجمل و صفين، و في معرض احدي خطبه لتحشيد الناس خلف قيادة أميرالمؤمنين عليه السلام القي عليه السلام خطبة في أهل الكوفة جاء فيها:

(.. يا أهل الكوفة انتم الاحبة الكرماء و الشعار دون الدثار، جدوا في اطفاء ما وتر بينكم و تسهيل ما توعر عليكم. الا ان الحرب شرها وريع. و طعمها فظيع فمن اخذ لها اهبتها، و استعد لها عدتها و لم يأل كلومها قبل حلولها فذاك صاحبها و من


عاجلها قبل اوان فرصتها و استبصار سعيه فيها فذلك قمن ان لا ينفع قومه و ان يهلك نفسه) [1] .

و اذا ما علمنا ان عمره عند استشهاد الامام الحسن عليه السلام كان يناهز الخامسة و الاربعين عاما، و ان فئات عديدة من المسلمين رأت فيه قائدا قد ينقذها من الشر الاموي، فراسلته و طلبت منه ان يثور ضد معاوية، ادركنا المنزلة التي كان يتمتع بها لدي جماهير المسلمين و كيف كانت الامة تتطلع اليه كأمل وحيد ضد تسلط الدولة الباغية، قادر علي اعادتها الي خط الاسلام الصحيح، مثلما رأت في ابيه و اخيه عليه السلام املها من قبل، فهو نتاج خبرة استثنائية توفرت عواملها و مكوناتها في حياة أبيه أميرالمؤمنين عليه السلام، و قد تعاهدها بالرعاية و الاهتمام منذ البداية، خصوصا و انه قد اتيح له في الفترات التي جرد فيها من المسؤوليات القيادية الاولي وقت كاف لرعاية ولديه عليه السلام و توجيههما و اعدادهما علي نهجه و طريقته بشكل متأن متقن، و كان نضجه المبكر كفيلا بجعله يتحمل مسؤولية القيادة مع اخيه في ذلك الجو العاصف الذي تولد اثر وفاة والده عليه السلام.

و من الطبيعي ان يسعي معاوية للتعتيم علي شخصيته و يحاول تصويره علي انه شخص صاحب نزوات و مطامع شخصية لا غير، و انه لا يتمتع بأي غطاء جماهيري، و ان كل مؤهلاته هي قربه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و انتماؤه الي عبد مناف، و حاول مقابل ذلك ان يوضح للمسلمين بانه يتمتع بنفس تلك القرابة، و انه يمتلك مؤهلات اكثر منه، كما انه يمتاز عنه و عن اخيه و ابيه أميرالمؤمنين عليه السلام بانه حقق وحدة الجماعة، و هذا ما تشدق به دائما، و حاول ان يبرر به شرعية وجوده (خليفة). و علي اساس هذه المقاييس التي وضعها معاوية، فان يزيد كان يتمتع بقدر كبير منها، و لابد انه مؤهل للخلافة مثل ابيه رغم عدم امتلاكه (كفاءة) ذلك الاب الحاذق.

لقد روي لنا ابن كثير ان الحسين عليه السلام قد:

(... صحب أباه و روي عنه و كان معه في مغازيه كلها في الجمل و صفين، و كان معظما موقرا لم يزل في طاعة ابيه حتي قتل) [2] .


(و قد حفظ الحسين ايضا عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و روي عنه) [3] .

كان الحسين عليه السلام نتاجا فريدا لجده صلي الله عليه و آله و سلم و والده عليه السلام، و كان يمثل امتدادا طبيعيا لهما، و اذا ما تفحصنا حياته و درسناها بدقة، نجد انه كان يبدو و قد اعد للعب دور خطير، بل اخطرها علي الاطلاق في حياة الامة، يعيدها فيه الي خطها الصحيح الذي حاول الحاكمون الامويون حرفها عنه بشكل معلن و صريح، و مما يؤكد ذلك ما حصل فعلا، و ما سبق من اخبار مؤكدة عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بشأنه و شأن استشهاده مما وقع بعد ذلك بالفعل، و كان له اكبر الاثر في تصحيح المسيرة الاسلامية علي مر الازمان، كلما رأي طاغية أو عدو للاسلام ان يعلن انحرافه علي رؤوس الاشهاد و امام الامة كلها، و سوف نتعرض ان شاء الله لهذه الروايات في الوقت المناسب عند استعراض اهداف ثورته عليه السلام ضد النظام الاموي الجائر.


پاورقي

[1] شرح نهج‏البلاغة، ابن ابي‏الحديد: 283 / 1.

[2] البداية و النهاية، 153 / 8.

[3] شيخ الاسلام ابن‏حجر العسقلاني، الاصابة في تمييز العصابة، ط الکليات الازهرية ج 2، ص 248.