بازگشت

دلالات الأحاديث النبوية علي أهمية الأدوار التي أعد لها الحسنان


و قد بدت هذه الاحاديث و كأنها تشير بوضوح الي ادوار مهمة اعد لها هذان الشخصان القريبان جدا من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و آله عليهم السلام، كما ورد في كتب الحديث و الصحاح و السيرة..

و كأن كلام الرسول صلي الله عليه و آله و سلم كان يستشرف المستقبل و يطل عليه، و لعل بعض ما انزله الله بشأنهما و علمه رسوله صلي الله عليه و آله و سلم، جعله يشعر بالمرارة العميقة مما سيعانيانه و يلاقيانه من متاعب و آلام، بدلا من ان يتبؤا المكانة القيادية التي اعدا لها بعيد عن كل اثر أو تصور جاهلي أو مسحة جاهلية يمكن ان تطفو أو تلوح في سلوكهما، قريبين بل و متماسين مع السلوك الا مثل لقائد الرسالة صلي الله عليه و آله و سلم، و هكذا جاءت تأكيداته و توصياته صلي الله عليه و آله و سلم للامة بأن تتولاهما و تتبي خطهما و لا تحيد عنه، و قد وجد انها الضمانة الوحيدة لحفظها من الانحراف و الخطأ.

لقد كانت الادوار المعدة لهذين الامامين، ومن قبلهما والدهما عليه السلام، مع كل الغبن الشخصي الذي لحق بهم، و استدرجت الامة لتساهم به بوعي أو دون وعي،


تشير الي انهم وحدهم كانوا كفيلين بتخليص الامة من ورطتها و انحدارها و سقوطها بيد من تعمدوا اذاها و شق صفوفها و الاستئثار بمقدرات ابنائها، ففي كل مرة يقيض لهذا الانحراف ان يبلغ مدي يبدو و كأن لا علاج له، يتصدي الائمة عليهم السلام في الوقت المناسب لتصحيح المسيرة، و جعل الامة تعرف و تدرك الحال التي آلت اليها، و تنطلق علي ضوء معرفتها الجديدة للمشاركة في مسيرة الاصلاح و التصحيح التي بدأوها هم عليهم السلام.

و لقد رأينا الدور الدقيق الذي لعبه أميرالمؤمنين عليه السلام في البداية، و طيلة ايام حياته للتصدي للانحرافات المتعددة التي وقعت، و كان آخرها ذلك الذي كادت الامة ان تستسلم فيه لمعاوية، و قيامه بتربية جيل من المسلمين، علي منهج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في التربية الاسلامية الاصيلة بشكل جعلهم و كأنهم يعيشون عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

ان ذلك الجيش الذي نهض مع أميرالمؤمنين عليه السلام، و حارب تحت لوائه، و ضحي بالكثير من ابنائه، رغم تكاسل العديد منه بعد ذلك تحت وطأة الظروف الشاقة، التي مر بها، و غالبية ذلك الجيش من أهل العراق عاد فانعقد تحت لواء الامام الحسن عليه السلام ثانية ثم تخلي عنه بفعل الاحداث و المؤثرات، و في مقدمتها الفعل الاموي المعاكس في الدس و الوقيعة و الاشاعة و غيرها، ثم عاد مرة اخري يدعو الامام الحسين عليه السلام و تخلي عنه بفعل ظروف القمع و الشدة التي لجأت اليها السلطة الاموية بشكل مركز، ثم عاد بعد ذلك ليطالب بثأر الامام عليه السلام و يدرك خطأ موقفه و موقف الامة كلها و عمق الانحرافات التي وصلت اليها، ثم ليظل و تظل الامة كلها في حالة وعي و تربص دائميين بعد ان ادركت عمق الهزيمة بل الهزائم التي الحقت بها علي ايدي حكامها المتسلطين و مستعدة دائما للتصحيح و التغيير.

و هكذا رأينا تربص كل منهما، الحكام و ابناء الامة للآخر، عبر العصور. و قد ادرك هؤلاء الحكام المتمثلين بسلسة (الخلفاء) و (امراء المؤمنين)، و جلهم من المنحرفين المترفين و اللاهين العابثين، ان قياد الأمة لن يسلس لهم طواعية، و انها لن تستجيب لهم مادامت تضع امامها اولئكح المضحين الاوائل في صدر الاسلام، و اولئك القادة الذين ضحوا بأنفسهم و مصالحهم الشخصية من اجل ارساء و رفع مبادي ء هذا الدين القويم.

فكانت الحرب المعلنة و غير المعلنة سجالا بين الحاكيمن المنحرفين و المحكومين علي مر الزمن، و كانت التضحيات الاولي التي كان لها ما يبررها، و قد


أصبح ذلك عاملا لتقديم المزيد من التضحيات الجديدة، و كانت التساؤلات تتجدد باستمرار عن سبب ايقاف هذا الدين عن اداء دوره الرسالي الطبيعي، و استبداله بذلك الذي رسم بالفرشاة الاموية، و اريد له ان يظل نموذجا بديلا عن النموذج الاول الصحيح.