بازگشت

الخليفة معاوية مثالا، و مجتمع الشام نموذجا عبث بروح و عقائد الاسلام


كان مقررا ليزيد ان يكون الشخصية التي تظهر و تكرر علي مسرح الحكم، و كان من افراز معاوية و نتاجا لتربيته، كمنا كان مجتمع الشام هو المجتمع (النموذج) الذي اريد لباقي المجتمعات الاسلامية في مختلف الحواضر و الاقطار ان تكون علي غراره بعد عمل دؤوب من قبل معاوية طيلة عهده، استدرج فيها هذه المجتمعات الاخري لجعلها علي غرار هذا المجتمع من بعض الوجوه فعلا.

و يهمنا ان نسبق الاحداث هنا فنقول: ان ثورة الحسين عليه السلام لم تكن علي يزيد شخصيا، و انما كانت علي الوضع المتردي الذي اصبح عليه المسلمون بعد انتهاء عهد معاوية، فيزيد لم يكن قد استلم الحكم بعد الا منذ بضعة ايام، و خبر توليته لم يكد يصل المدينة حتي رفضه عليه السلام بعزم و اصرار مسبقين، فالثورة كانت اذا رفضا لمجمل الحال الذي جعل المسلمين يبدون علي ما بدوا عليه قبيل قيام الثورة.

لقد عبث معاوية بالاساس العقائدي و الكيان الروحي الذي يمكن ان تقوم عليه الدولة الاسلامية، و الذي لا يقوم علي تصورات شخصة مجردة أو اداءات طقوسية منفصلة عن البرامج الحياتية التي تنظم حياة المسلمين، بل يجعل من الايمان المطلق بالله اساسا لتنفيذ احكامه و تشريعاته و الطاعة التامة لرسوله صلي الله عليه و آله و سلم الذي ارسي بشكل عملي دعائم الدولة الاسلامية الحقيقية، و ارادها ان تمتد و تتصاعد و تأثر عملها و فعالياتها، مستفيدة (كلما امتد الزمن) من الخبرات المتراكمة نتيجة عمل هذه الدولة، و لم يرد لها ان تتضاءل أو تندثر، و تصبح فعالياتها قائمة علي تصورات أو اعتبارات شخصية من اناس غير مؤهلين و غير معدين لاكمال هذه المسيرة الضخمة و تحمل مسؤولية قيادتها، بل غير مؤهلين حتي لشرف الانتساب الحقيقي للاسلام.

و كان استبعاد القيادة الشرعية، و اقصاؤها عن مركزها منذ اللحظات الاولي، قد قطع الامتداد الطبيعي لهذه الدولة، اذ ان هذه القيادة كانت هي وحدها تمتلك التصور


الذي يتطابق مع تصور رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مع مفاهيم القرآن الكريم، و التي لا تحمل اية بذرة جاهلية و لم تعش أو تنغمر في مستنقع اية حياة أو ممارسة جاهلبية أو تصور جاهلي، قيادة لم تعرف الا الاسلام وحده و لم تتعرف الا عليه.