بازگشت

الاشتباه في تأثير الدولة الأموية، علي تطور المدنية الاسلامية


و مهما اراد (المتفائلون) الايحاء بان هذه الامة لا زالت بخير، و انها لا تعرف غير طريق الاسلام و انها لا تزال متماسكة قوية، و الدليل علي ذلك هو الصحوات التي مرت بها عبر التاريخ، و آخرها هذه الصحوة الحديثة التي تمر بها الآن، فان هذا لا يشكل بالتأكيد دليلا علي ذلك، و نطرح سؤالا بهذا الخصوص:

كيف اريد لهذه الامة ان تكون وفق تصور قيادة الدولة الاسلامية الاولي، قيادة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم؟ و كيف اصبحت فعلا؟ كما اخبرتنا الوقائع و الاحداث...؟ هل اريد لها ان تقنع بهذا الحد الادني بانها امة تنتمي الي الاسلام مع انها لا تعيش حياته و وقائعه، ام اريد لها ان تكون امة تعيش الاسلام فعلا، واقعا حياتيا معاشا؟

و يحتج اولئك (المتفائلون) باشعاع الامة الاسلامية العلمي علي غيرها من الشعوب و الامم، و (تطور) حياة المسلمين في جوانب العمران و البناء و غيرها ابتداء من (الدولة الاموية) ثم دولة العباسيين، و يذكرون اشعاعها علي اوربا عن طريق الاندلس، و غيرها من عواصم الاسلام و يعتبرونه مثالا حيا علي ان الامة الاسلامية امة حية لم تمت، و من قال انها غير حية و انها ماتت؟ لكن: هل كانت هي الامة كما اريد لها ان تكون حقا؟


أكذوبة التطور العلمي كدليل علي حياة الأمة.

ان الدليل علي حياتها ان اعدادا غفيرة من ابنائها في كل جيل يري في الاسلام الحرارة الكفيلة بتحريك كل الاجساد الهامدة التي قرت و سكنت تحت مختلف التأثيرات المعادية و المغرضة و ذات المصالح الخاصة، و يرون انه القوة التي لابد ان تسود في النهاية و يتحركون بايجابية و فعل مؤثر لانهاض الامة و تعريفها بالجوانب التي خفيت عنها من هذا الدين العظيم.

لكن هذا لا يمنع من القول: ان الامة لم تعد منذ زمن بعيد هي نفسها، تلك الامة الاسلامية التي ارادها الله، و أرسل رسوله صلي الله عليه و آله و سلم لاعدادها و تربيتها.

اما نهوضها في فترات من الزمن في مجالات العلوم و فنون الحضارة، فلا يعني ذلك انها استكملت بهذه العلوم و الفنون مقومات وجودها كأمة اسلامية، و انها قد نهضت في كل المجالات الروحية و الاجتماعية و علي صعيد الحكم و السياسة و غيرها، تحمل نفس التصور الاسلامي الصحيح، و نفس الشعور بالمسؤولية الذي حاولت القيادة الاسلامية الاولي ان تجعل الجميع يحملونه بنفس القدر و يمارسونه بنفس الكفاءة و من منهج واحد في العمل و التطبيق.

ان أي فرد منا يعتز اعتزازا كبيرا بالحضارة الاسلامية و تأثيرا الفاعل علي الحضارات العالمية، تلك الحضارة التي حملها ابناء الاسلام بما تبقي لديهم من مقومات هذا الدين، بشكل فاعل و ملحوظ لم يمكن انكاره حتي من قبل مناوئيهم و مخالفيهم.

(و لم يكن العلم وحده هو الذي اعاد اوربا الي الحياة، بل ان مؤثرات اخري كثيرة من مؤثرات الحضارة الاسلامية بعثت باكورة اشعتها الي الحياة الاوربية) [1] .


پاورقي

[1] تجديد الفکر الديني، محمد اقبال ترجمة عباس محمد ص 250 عن بريفولت في کتاب أبناء الانسانية).