بازگشت

عودة استراتيجية الارهاب الأموي


و عند استبدال مروان بسعيد بن العاص و هو مشهور بشدته و تعصبه و عنجهيته كتب اليه معاوية:

(ان يدعو أهل المدينة الي البيعة، و يكتب اليه بمن سارع ممن لم يسارع، فلما اتي سعيد بن العاص الكتاب، دعا الناس الي البيعة ليزيد، و اظهر الغلظة، و اخذهم بالعزم و الشدة، وسطا بكل من ابطأ عن ذلك). [1] .

و هكذا عمد سعيد الي ما عمد اليه زياد و سمرة في العراق، واري الناس حقيقة الوجه الاموي القاسي المتستر بالحلم، مستجيبا لاوامر سيده في الشام، و كتب اليه تقريرا بمن سارع ممن ابطأ و جاء فيه:

(... و اني اخبرك ان الناس عن ذلك بطاء، لا سيما أهل البيت من بني هاشم، فانه لم يجبني منهم احد، و بلغني عنهم ما اكره، و اما الذي جاهر بعداوته،و ابائه لهذا الأمر، فعبدالله بن الزبير، و لست اقوي عليهم الا بالخيل و الرجال، أو تقدم بنفسك فتري رأيك في ذلك). [2] .

فكتب معاوية الي الممتنعين عن البيعة كتبا و امر سعيد بن العاص ان يوصلها اليهم و يبعث اليه باجوبتهم.

و لعل معاوية ادرك انه امام مخاطر حقيقية، و ان الامة قد تثور عليه رافضة بيعة يزيد، و هي تنتظر الخلاص منه بموت عاجل، بعد ان فرض نفسه خليفة عليها، و كانت رسالته الي سعيد تدل علي شدة مخاوفه من الثورة عليه، و تحاول ان تشجع


علي المضي في المهمة التي عهد بها اليه الي النهاية، و ان لا يتخاذل أو يجبن عن أدائها، و قد جاء في رسالته:

(... و لتشد عزيمتك، و لتصلب شكيمتك، و تحسن نيتك، و عليك بالرفق، و اياك و الخرق، فان الرفق رشد، و الخرق نكد، و انظر حسينا خاصة، فلا يناله منك مكروه، فان له قرابة و حقا عظيما لا ينكره مسلم و لا مسلمة، و هو ليث عرين، و لست آمنك ان ثاورته ان لا تقوي عليه، فاما من يرد مع السباع اذا وردت ويكنس اذا كنست فذلك عبدالله بن الزبير فاحذره اشد الحذر). [3] .

ان دوافع ابن الزبير معروفة، و هي محاولة الدعوة لنفسه، رغم الادعاء بانه انما كان ينتصر للدين و حسب، و ان ليس له ارب أو مطمع بالخلافة، و كان معاوية يعلم انه قد يلجأ مثله الي كافة الاساليب، و قد يغير الكفة ضده، و لذلك فانه قد حذر منه سعيدا.

اما الحسين عليه السلام، فان معاوية ادرك ان رصيده لدي الامة ربما يرجح فوزه بمعركة قد تنشب بينهما فيكون هو الغالب، و هو امر بدا محتملا لدي معاوية.

ان معاوية يعلم ان الحسين عليه السلام احق بالامر من يزيد، و ان الامة كلها تعلم ذلك، و ربما انقلبت عليه و ثارت ضده اذا ما اقدم علي قتل الحسين عليه السلام أو سجنه أو التنكيل به، و ربما اراد ان يستعد لايجاد ظروف افضل يتم فيها اجباره علي البيعة أو قتله، و ربما اراد ترك المهمة ليزيد لاكمالها، كما سنري كيف انه قد اوصي باسناد ولاية الكوفة الي عبيدالله بن زياد للقيام بهذه المهمة، اذا ما استمر الامام الحسين علي موقفه الرافض من يزيد.


پاورقي

[1] الامامة و السياسة 177 / 1.

[2] الامامة و السياسة 177 / 1.

[3] المصدر السابق 178 / 3.