بازگشت

مروان بن الحكم يعارض استخلاف يزيد طمعا بالأمر


و يبدو ان مروان كان يطمح ان يصير الامر اليه بعد معاوية، فلم يبد حماسا

مذكورا بدعوة الناس في المدينة الي بيعة يزيد، و اجاب معاوية:(ان قومك قد ابوا اجابتك الي بيعتك ابنك). [1] .

و قد ادرك معاوية.. (ان ذلك كان من قبله، فكتب اليه يأمره ان يعتزل عمله،و يخبره انه قد ولي المدينة سعيد بن العاص). [2] .

و قد اسخط ذلك مروان، فوفد علي معاوية مغاضبا في جماعة من اخواله و اهل بيته و اتباعه، و دخل عليه و القي خطبة و عظية جديرة برجال امثال أبي ذر أو سلمان و غيرهما، ختمها بدعوة معاوية الي استشارته و قومه قبل البت بأية قضية مهمة مثل هذه و جاء في نهايتها: (فما لنا نستأمر في رضاعها و نحن فطامها و أولات عظامها، و ايم الله لولا


عهود مؤكدة و مواثيق معقدة، لأقمت أود وليها، فأقم الامر يا بن أبي سفيان، و اهدي من تأميرك الصبيان، و اعلم ان لك في قومك نظرا، و ان لهم عليمناوأتك وزرا) [3] .

و قد اغضب كلام مروان معاوية، الا انه علم انه ان تمادي في غضبه ورد علي مروان أو عاقبه، فربما عمل علي فتح جبهة جديدة مع خصوم كانوا له اعوانا حتي الأمس، لذلك فانه رد عليه ردا هينا، و خاطبه بلطف و أشاد به و بأهله، و ربما كان يسخر منه، و يشير بمديحه المتطرف، ان المسألة هنا لا تتعلق بدين أو سابقة في دين من اهل كرام نذروا أنفسهم من أجله، فمعاوية يدرك من هو الحكم، و كيف لعنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لعن مروان و هو في صلبه، قال له معاوية: (فأنت ابن ينابيع الكرم، فمرحبا بك و اهلا من ابن عم، و ذكرت خلفا مفقودين شهداء صديقين، كانوا كما نعت، و كنت لهم كما ذكرت، و بك و الله يا ابن العم نرجو استقامة اودها، و ذلولة صعوبتها، و سفور ظلمتها، فانت نظير أميرالمؤمنين بعده، و في كل شدة عضده، و اليك عهد عهده، فقد وليتك قومك، و اعظمنا في الخراج سهمك، و انا مجيز وفدك الخ). [4] .

و قد اجزل عطاءه و عطاء الوفد الذين كانوا معه، بعد ان طمأنه الي انه سيكون في الصدارة دائما و انه نظيره... الخ، و بذلك أسكته موقتا، و ربما ريثما تتاح له فرصة اسكاته الي الابد، و قد اورد ابن الاثير رواية اخري ذكر فيها ان معاوية كتب الي مروان يستشيره في امر بيعة يزيد و يسأله ان يعرض ذلك علي أهل المدينة و ان مروان قام في الناس فاخبرهم به، و انهم قد استجابوا لذلك، و لم ينكره سوي عبدالرحمن بن أبي بكر الذي قال له: (كذبت و الله يا مروان و كذب معاوية، ما الخيار اردتما لامة محمد، و لكنكم تريدون ان تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل). [5] .

ورد عليه مروان بشكل عنيف اغضب عائشة حتي خاطبته قائلة:(انت فضض من لعنة نبي الله). [6] .


كان في مقدمة المنكرين لبيعة يزيد الحسين عليه السلام و ابن عمر و ابن الزبير، و قد كتب مروان بذلك الي معاوية.

و مهما يكن فان مروان لم ير نفسه قادرا علي مجابهة معاوية و مقاومته و المطالبة بالامر لنفسه، و قد رأي ان الخلافة ليزيد افضل مما لو كانت للحسين عليه السلام، ففي الحال الثانية ربما سيفقد أي امل بها في المستقبل، و ربما لن تتاح له فرصة التمتع بمزيد من الامتيازات التي تحقق له في ظل ابناء عمومته الامويين.


پاورقي

[1] المصدر السابق.

[2] نفس المصدر 176.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدرالسابق.

[5] ابن‏الاثير 351 / 3، راجع مروج الذهب 119 / 5 و قد ذکرها بشکل آخر.

[6] المصدر السابق 352 / 3.