بازگشت

نقض الوثيقة، تأكيد لمنهج الانحراف


لم يف معاوية بالطبع ما وعد به الامام الحسن عليه السلام.. و اعتبر وثيقة الصلح ملغية منذ اللحظة الأولي من توقيعها، فقد كانت الشروط الواردة فيها كفيلة بتقييده و الحد من حركته. و ربما كان الامام عليه السلام يدرك - بما يعلمه معاوية - أنه لن يفعل ذلك.. غير أنه أراد بذلك أن يقر له معاوية بحقه الطبيعي في الخلافة، مع أخيه الحسين عليه السلام بعد ذلك و أنهما ليس بطارئين عليها و لا أحد أحق بها منهما.

كان معاوية ينظر للأمر كله و كأنه لعبة سياسية بحتة لا دخل فيها للدين و القيم الالهية التي يري أنها لا تصلح للحياة العملية و لا تتوافق مع الملك و السلطان، و كان ينظر الي اليوم الذي يري ابنه يزيد خليفة من بعده، و كان حبه له يفوق كل قيمة عليا لديه، و قد قال - هو نفسه - فيه: (و لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي) [1] .. لقد كان يدرك خطل رأيه باستخلاف يزيد من بعده، و كان يدرك نقطة الضعف هذه لديه.

و كان الأمر أكبر ما يحتمله معاوية بعد ذلك - و هو ينظر نظرته الأرضية البحتة - عندما يري ابنه يزيد و يري أبناء الآخرين من المهاجرين و الأنصار و عموم قريش و المسلمين. و حتي أبناء الرسول صلي الله عليه و آله و سلم أنفسهم، أولئك الذين شن عليهم حربه الظالمة، و رأي فيهم منافسا خطرا له. و لم يكن من المعقول أن يتنازل و يعطيهم عن طيب خاطر ما حارب لأجله - هو و آله - عشرات السنين.

قال معاوية: (أنه لم يبق الا ابني و أبناؤهم، فابني أحب الي من أبنائهم) [2] .

و هكذا امتد الانحراف و اتسع حين قبلت الأمة أن يكون يزيد خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بديلا عن الحسن و الحسين عليه السلام، الامامين بوصية جدهما صلي الله عليه و آله و سلم، سيدي شباب أهل الجنة.


پاورقي

[1] البداية و النهاية 121 - 8.

[2] أهل البيت 59.