بازگشت

تصرفوا بالخلافة تصرفهم بارث شخصي


كما رأينا القادة و الولاة الذين حكموا و تصرفوا و كأنهم يتصرفون بملك خاص بهم ورثوه عن أهليهم، و استعرضنا بعض الشخصيات التي شكلت أركان الحكم مثل عمرو بن العاص و المغيرة و زياد و مروان، و رأينا أساليب الخداع و القوة التي لجأوا اليها و أساليب القمع المبتكرة التي ابتدعوها، رغم ادعاء الدولة الأموية بأنها امتداد لدولة الاسلام الأولي أو أنها شكل محسن لدولة الخلفاء السابقين و أنها دولة عادلة لا تعمد الا الي الحلم و اللين و الصبر في سياسة الناس و حكمهم، حتي لقد انطلت دعوي معاوية بالحلم و الدهاء و الصبر و الكياسة علي جماهير كبيرة من الناس في عهده و في العهود اللاحقة و الي يومنا هذا، مع أن سياسة الارهاب و القوة و القمع هي التي طبعت ذلك العهد بطابعها، كما رأينا عند استعراضنا شخصية معاوية و حملاته الارهابية علي أطراف العراق و قتله النساء و الأطفال و الأبرياء لمجرد أنه يشم منهم رائحة الولاء لأميرالمؤمنين، و حملات قمع المعارضين أمثال حجر بن عدي و عمرو بن الحمق و غيرهم و غيرهم. مما رويت لنا عنها أقاصيص و أخبار طويلة حفلت بها كتب التاريخ و غيرها.

كا رأينا طرفا من أخبار أولئك الذين وقفوا موقفا (سلبيا) من هذه الدولة الظالمة، و أولئك الذين اعتزلوا و ترهبنوا خوفا من سلطتها و بطشها فكانوا مثار رضا و سكوتها عنهم و أولئك الذين أعلنوا الرهبنة مع أنهم كانوا أكثر الناس تعلقا بالدنيا و قربا من السلطان و أصبحوا وعاظا للسلاطين و دعاة للسكوت و الصبر علي جورهم، الا أنهم لبسوا عمامة الاسلام بدلا من طيلسان الكاهن و ثياب الراهب و أظهروا التقشف في الظاهر مع أنهم كانوا متلهفين علي قرب السلطان و منظر الأصفر الرنان.