بازگشت

فئات المجتمع حسب تقسيم الامام


و هكذا قسم الامام عليه السلام فئات المجتمع الي ثلاثة، و بين لنا سبب انحدار و تخلف الفئة الثالثة منه. (الناس ثلاثة: فعالم رباني، و متعلم علي سبيل النجاة، و همج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجأوا الي ركن وثيق) [1] .

لقد أراد الأمويون تكريس الحالة الأخيرة و جعلها هي السائدة من خلال سلب الناس حرياتهم في التفكير و النقد و الكلام و النظر، ليتبنوا فكرة (الدولة) و أهدافها و توجهاتها. و كان هذا أشد فعل مدمر يمكن أن يعمل علي افقادها شخصيتها و عوامل وجودها كأمة اسلامية قائمة علي أساس الاسلام و مبادئه و قيمه.

ان استثمار أو استغلال (الرعاع) أو العوام الذين لا يملكون موقفا معينا ثابتا، يكون عادة أسهل علي مؤسسات السلطة الحاكمة من استثمار مواقف الذين يتبنون


مواقف مبدئية معينة؛ فمع هؤلاء الأخيرين تكون المهمة معقدة و مزدوجة، اذ يتوجب أولا افراغهم أو جعلهم يتخلون عن المواقف التي يتبنوها أولا، ثم (اقناعهم) بعد ذلك لتبني المواقف الجديدة التي هي بطبيعة الحال مواقف الدولة نفسها. و هذا أمر لا ينال بالتمني، مع هؤلاء الذين ما يكونون غالبا متعلمين و متنورين، و لو بحدود بسيطة تسمح لهم بالتخلص من الانجراف و الوقوع بقبضة أعداء الاسلام و المزورين و المنحرفين.

ان توسيع هذا الصنف من الناس الذين ذكرهم الامام كهمج رعاع، و جعله الأغلبية الساحقة من المجتمع، يعمل علي ابعاد الاسلام نهائيا عن ساحة الحياة، لأن ذلك يجردهم من الضمانة الوحيدة التي تؤهلهم لخوض الحياة علي أساس سليم، و حل مشكلاتها و تحقيق مصالحهم و حرياتهم. و ذلك هو الشي ء الوحيد الذي يتيح للحكام تنفيذ سياساتهم و خططهم المدمرة.

و عمل معاوية هذا هو عمل الفرعونية علي مر العصور، اذ تحاول أن تجعل من فرعون المثل الأعلي مقابل المثل الأعلي الحقيقي و تحاول بناء العلاقات داخل المجتمع علي أساس الظلم و الاستغلال.


پاورقي

[1] نهج‏ البلاغة 69.