بازگشت

اين ألامة الاسلامية


و الا، فأين هي تلك الأمة الاسلامية القوية المفكرة المتفهمة المحاربة البانية؟ أين مواقفها و أين رجالها؟ لقد اختفت و اضمحت أمام معاوية و من جاء من بعده من (الخلفاء)، و لم يبق منها سوي زعماء امعات ترتب لهم الأدوار و تردد لهم الأقوال التي سيرددونها مسبقا، و ليس عليهم غير أن يهزوا رؤوسهم استحسانا و يحنوها أمام السطان القوي الثري المتنفذ. و سنري مصداق ذلك في حفلات الخطابة و (المذاكرة) و السمر التي أعدها معاوية تمهيدا لتنصيب يزيد خليفة من بعده و المسر حيات التي أعدت لهذا الغرض. كل دور كان مرسوما، و كل تصرف كل مرصودا. و كانت المعركة حامية الوطيس، لا بين الاسلام و خصومه من الجاهليات التي لا تزال تحيط به و تحاول افتراسه و الانقضاض عليه، و انما بينه و بين من حاولوا الوثوب علي الخلافة و سرقة مكتسبات الأمة و تكريس الحكم في العائلة الأموية المحظوظة!.

و هكذا صح ما تخوف منه الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و أميرالمؤمنين عليه السلام من أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها و فجارها. و كان ذلك مبعث أسي و ألم مسبق للامام عليه السلام و هو يري أن كل شي ء يضيع من هذه الأمة و أن ما حصلت عليه بجهادها و صبرها و تضحياتها قد ذهب في طرفة عين. ان الانحراف البطي ء في البداية قد أتي أكله الآن، و أن الانحدار الذي تبع ذلك لابد أن يأتي بأمثال هؤلاء، و يري كذلك الشكل الجديد للدولة (الاسلامية) التي يديرها و يتربع علي عرشها السفهاء و الفجار و الفاسقون. (و لكنني أسي أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها و فجارها، فيتخذوا مال الله دولا، و عباده خولا، و الصالحين حربا، و الفاسقين حزبا، فان منهم الذي قد شرب فيكم الحرام، و جلد حدا في الاسلام، و ان منهم من لم يسلم حتي رضخت له علي الاسلام الرضائخ) [1] .



پاورقي

[1] نهج‏ البلاغة - 635 - 634.