بازگشت

الترف مقدمة للظلم و الكفر


مجتمع الترف مقدمة لمجتمع الظلم و الكفر. و استعدادات الفسق و الخروج المتعمد علي المجتمع المسلم تكون لدي المترفين أولا. و قد أشار القرآن الكريم الي ذلك اشارات عديدة بين فيها بوضوح أن المترفين يكونون دائما في مقدمة المتصدين و المعارضين لأي اصلاح في الأمة، و أنهم في مقدمة الذين يسعون في خراب الأرض منطلقين في حرصهم علي مصالحهم و رفاههم. كما أنهم في مقدمة الكافرين بالرسالات السماوية و أول المكذبين بها. انهم بلهاثم و جريهم خلف ترفهم و مصالحهم ينهجون منهج الظلم، و قد يبررون هذا الظلم بأنهم انما ينهجون منهج الآباء (الذين تلقوا عنهم كل شي ء و لابد أنهم أكثر حكمة و فهما و معرفة).

(و اذآ أردنآ أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) [1] .

(و مآ أرسلنا في قرية من نذير الا قال مترفوهآ انا بمآ أرسلتم به كافرون) [2] .

(و اتبع الذين ظلموا مآ أترفوا فيه و كانوا مجرمين) [3] .


(الذين كفروا و كذبوا بلقآء الأخرة و اترفناهم في الحيوة الدنيا) [4] .

ان اشاعة النموذج المترف وزرعه في المجتمعات الاسلامية و بشكل مكثف في (عاصمة الخلافة) الشام كان يراد منه اشاعة الفوضي الاجتماعية وزرعها. فحياة المترفين القائمة و خروجهم علي الاسلام لا ينسجم و ادعاء (القيادة) انما خير من يمثل الاسلام و يقوم علي أمور المسلمين بالعدالة و القسطاس و وفق أحكام الاسلام و قوانينه و شرائعه. انه يولد رد فعل عنيف لدي الأمة تجاه دين الله الذي يدعو الي المساواة و الاعتدال و عدم الاستهانة بالآخرين و التجاوز علي حقوقهم. و تري الأمة أنها تتحمل تبعة كبيرة بسكوتها عن الأنظمة الفاسدة التي تديرها و تتلاعب بمقدراتها.

ان خلق هذا النموذج المترف المتكبر المسرف في قلب المجتمع الاسلامي بداية لتقسيم طبقي يقف علي الجانب الآخر منه النموذج المستضعف الفقير المغلوب.

انه تقسيم جديد في ظل الاسلام للقضاء علي الاسلام و للعودة الي الأنظمة الطاغوتية السابقة.

و علي ضوء الآيات الواردة في القرآن الكريم - التي أكدت صحتها الوقائع التاريخية السابقة، نري - كما أورد الشهيد المطهري، في طبقة المترفين و المستكبرين من الملأ لابد أن تكون هي نفسها في النهاية طبقة الكفار و المشركين و المنافقين و الفاسقين و المفسدين. انها الطبقة الفاسدة التي تستقطب حولها كل من يعزز مركزها و سلطتها و تستعبد الطبقة الواسعة التي تقف قبالتها و تحاول تسخيرها لتحقيق كل أطماعها و أهدافها (ان الكافرين و المشركين و المنافقين و الفاسقين هم الملأ و المستكبرون و المسرفون و المترفون و الطواغيت، لا غيرهم و لا المتشكل منهم و من غيرهم) [5] كما (جعل المجتمع ينقسم الي مستضعف و مستضعف هو الذي أوجد الكافر و المؤمن، علي حد تعبير الشهيد، مما أوضحه القرآن الكريم بجلاء)، و يدل علي أن مواجهة الأنبياء و مخالفيهم و مواجهة الايمان و الكفر، كان انعكاسا لمواجهة الطبقتين الاجتماعيتين - المستضعفين و المستضعفين) [6] .


و وضع طبقة كهذه في المجتمع الاسلامي كفيل بهدمه و القضاء عليه، و علي كل المكتسبات التي حققها في ظل الاسلام.

و اذ لن يتاح للبشرية أن تشهد دينا آخر بعد ظهور آخر الأديان و أكملها، و لن يتاح لدين آخر تصحيح المسيرة المنحرفة، فان ما فعله الأمويون يشكل نكسة خطيرة و تراجعا كبيرا عن الاسلام و ضربة كبيرة لكل الأديان التي أنزلت علي البشرية طيلة عهودها و سلبا لكل المكتسبات التي حصلت عليها و استهانة بكل الشهداء و المضحين الذين وقفوا الي جانب الأنبياء و سخرية واضحة من هؤلاء الأنبياء و أديانهم و رفضا سافرا للاسلام برمته و استهانة بالمرسل و الرسول صلي الله عليه وآله وسلم علي السواء. كيف يمكن أن يفسر لنا أحد ما قام به معاوية و من جاء بعده؟ و هل أن ما قام به كان لمصلحة الاسلام حقا؟ و هل يمكن الاستهانة بالعقل البشري الي الحد الذي يمكن القول فيه أن (الخلفاء) الأمويين كانوا الممثلين الحقيقيين لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و المجسدين الحقيقيين للاسلام و قيمه و مثله.

ان العقل البشري ليس بالسذاجة التي يتصورها المروجون لنمط الأموي في الحكم و الحياة.. بحيث يقبل التبريرات التي يطرحها هولاء، لكن دعهم يقولون ان هذا النمط المغاير للاسلام هو أفضل من النمط الاسلامي، و ليس هو النمط المحسن، اذ هل يمكن أن يقنع من آمن برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ان الرسالة التي أنزلت عليه كانت ناقصة، و انها كانت بحاجة الي أناس أمثال معاوية و أشباهه ليكملوها و يجعلوها عملية بعد أن كانت ناقصة؟

و ان النمط الأموي هو أكثر عملية و فاعلية من النمط المحمدي الذي عاشت الأمة في ظله طيلة حياة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم.؟.


پاورقي

[1] الاسراء 16.

[2] سبأ 34.

[3] هود 116.

[4] المؤمنون 33.

[5] المجتمع و التاريخ ص 131 - 130.

[6] نفس المصدر.